النظام الانتخابي بمنزلة سيف ذي حدين، إما أن تستخدمه بمهارة من أجل الحق لتنتصر وتجني ثماره، أو تبارز به من أجل الباطل وبالنهاية سيقتلك ويحطم من حولك.
ندرك محاسن ومميزات النظام الانتخابي على كافة المستويات التي تخضع للمشاركة الشعبية، والتي تقرر بالأغلبية من يتقلد المسؤولية، لكن الأهم من التطرق للجانب الإيجابي الذي نراه في نموذج الدول المتقدمة، الأولى أن نتحدث عن السلبيات في النظام الانتخابي في بلدنا حتى نضع النقاط على الحروف ونعرف أين الخلل بالضبط!
قبل التطرق إلى كيفية وأساليب الممارسات والتناقضات الكارثية التي نعيشها ما بين طلب الإصلاح ومحاربة الفساد وما بين ممارستنا في اختياراتنا في جميع المعارك الانتخابية، أود هنا أن أوضح كارثة النظام الانتخابي التي تتم وسط ساحات تكتظ بالجهل والتعصبات، وكما أكده الكثيرون من المثقفين وأصحاب الرؤى الذين خسروا بسبب النظام الذي رأوا أن ممارسة الديموقراطية الخاطئة المبنية على الجهل والتعصبات والفزعات جعلت الأغلبية الجاهلة تتحكم وتسيطر على مصير الآخرين ومنهم الأقلية المثقفة وصاحبة الرأي المستنير، مما جعلهم يطالبون بتغيير هذا النظام، على اعتبار أنه يعد هدما لأركان أي بلد لا يدرك أهله كيفية ممارسته الإيجابية نحو مستقبل أفضل يكمن في العدل والمساواة والتنمية البشرية ودفعها نحو العمل والإنجاز.
وأود هنا أن أذكر مساوئ ممارسة النظام الانتخابي، ولا أريد أن أقول نتيجة جهل بقدر ما هي تعصبات يمارسها حتى المثقف ومن يحمل الشهادات العليا، وبإجاباتكم على الأسئلة ستعرفون أين نحو من هذا النظام الانتخابي.
كيف ترون مخرجات اختياراتنا البرلمانية على مدى سنوات طويلة؟ وهل حققت لنا إنجازات على مستوى الطموح؟! كيف ترون مخرجات اختياراتنا في المجالس البلدية؟ هل ساهمت في تحرير الأراضي للإسكان وتنظيم الأسعار؟! كيف ترون مخرجات اختياراتنا في الأندية الرياضية؟ هل حققت لنا الإنجازات أم أن الدمار بات عنوانها اليومي كما تشاهدون؟! كيف ترون مخرجات اختياراتنا النقابية؟ هل استطاعت حماية حقوق الموظفين على أقل تقدير في سلم الرواتب الظالم؟! كيف ترون مخرجات اختياراتنا في الجمعيات التعاونية التي باتت أسعار سلعها تفوق الوصف، فضلا عن الأموال التي تفقد من دون رقابة؟! كيف ترون اختياراتنا في كل موقع يحمل صناديق الاقتراع؟!.
طبعا رأيي، لا شيء وهذا النظام جلب لنا دمارا شاملا ما دامت الأغلبية المتعصبة في كل دائرة أو موقع انتخابي ترى أمام أعينها مصالح قبلية وطائفية وفئوية والبلد آخر همهم، وها نحن نسير إلى التراجع حتى عن بعض الدول الفقيرة.
قد يأتي شخص ويقول كل هذه الفوضى تسببت بها الحكومات المتعاقبة، وأنا لا أبرئ الحكومات من تلك الفوضى نتيجة تحالفات وترضيات وحسابات سياسية، ولكن أيضا علينا ألا ننتظر تربية الحكومات لتعديل سلوكنا، فنحن أولى بأن نربي أنفسنا نحو الإصلاح الحقيقي في ممارساتنا وليس في تنظيرنا ورمي مصائب اختياراتنا على الآخرين، كفى تبريرا لأنفسنا لن يقدم لنا إلا مزيدا من الدمار المجتمعي والسياسي والتنموي.