على الرغم من عظم معاناة الفلسطينيين اليومية، فإن العرب بغالبيتهم أصبحوا، أو ربما دائما كانوا، لا يعرفون شيئا عن مأساتهم، أو لا يودون معرفة شيء عنها، ومن يعرفون غالبيهم اصبحت لا تكترث لهم، لسبب أو لآخر، وهذه قمة عدم الإنسانية.
فالفلسطيني ليس الذي وقف ضد قضيتي، ومع صدام، أثناء احتلاله الحقير وطني، وليس الذي غشني ببضاعة هنا أو تعامل هناك، بل هو قبل كل شيء إنسان يستحق أن أقف معه في قضيته بصرف النظر عن اي شيء، فإما أن اكون منسجما مع مبادئي وافكاري وإما أن أدع الحقد والبغض يأكلانني من الداخل!
لم يعرف التاريخ الحديث قضية بمثل هذا التعقيد، ومأساة بمثل هذا العمق، كالقضية الفلسطينية ومأساة ملايين اللاجئين الفلسطينيين المحرومين، منذ ما يقرب من سبعين عاما، من كل حقوقهم كبشر.
شاء سوء حظ الفلسطينيين أن يكون من اغتصب ارضهم وأخرجهم منها من كانوا يوما من «المضطهدين»، الذين ذرف العالم الدموع أنهارا على مأساتهم وعلى ما تعرضوا له من قتل وتنكيل، والذين أصبحوا تاليا القوة السياسية والاقتصادية والإعلامية الأقوى في العالم. ولو كان غير اليهود هم الذين احتلوا فلسطين لكانوا اليوم خارجها.
وشاء «سوء حظ» الإسرائيليين أن الفلسطينيين هم اصحاب الأرض، ولو كان غيرهم، لقبلوا بحالهم، وتقبلوا وضعهم، ولكن الفلسطيني كان ولا يزال مقاوما شرسا في مطالبته بحقه وأرضه ووطنه! نقول ذلك مع الاحترام للشعوب الأخرى.
وشاء سوء حظ الفلسطينيين أيضا أن «إخوتهم» العرب هم الذين «قرروا» الوقوف معهم، فتسببوا، بدلا من ذلك، في الإضرار الفادح بقضيتهم، حيث فتتوا مقاومتهم، وتشرذمت فصائلهم على أيديهم، وخونوا قياداتهم، وسلطوا بعضهم على بعض. وطبعا لم تبق دولة عربية من دون ان يكون لها فصيل أو فريق بين الفلسطينيين، الذين أصبحوا يخونون ويقتل بعضهم بعضا، بناء على تعليمات «أشقائهم العرب». وما فعله هؤلاء الأشقاء في فلسطين فعلوا تاليا ما يماثله في لبنان وليبيا والعراق وسوريا، وغيرها.
وشاء سوء حظ الإسرائيليين أن أميركا، القوة الاقتصادية والعسكرية الأكبر في العالم، هي التي وقفت معهم. وكان وقوفها حاسما في البداية، ولكن استمرار دعمها غير المشروط ولا المحدود جعل من إسرائيل دولة باغية طاغية لا تريد سماع صوت العقل.
وننوه في هذه المناسبة بالمراجعة القيمة التي أعدها الزميل والصديق حامد الحمود لكتاب «أرضي الموعودة» الشهير، للكاتب الإسرائيلي آري شافيت، والتي قامت القبس بنشرها يومي الجمعة والسبت الماضيين، لما تضمنته من معلومات قيمة وجديدة!
• ملاحظة:
نعترف بأن العلمانية شر وخطر كبيران.. على الغفلة والمتطرفين!