لماذا تعارض عُمان الاتحاد الخليجي؟ ولماذا تلعب دور الوسيط بين الخليج وإيران؟ وغيرها من «اللماذات» التي تخطر في ذهن أي خليجي، فشباب الخليج اليوم يستغربون من بعض الأدوار العُمانية التي لا تتوافق كثيراً ومثيلاتها من دول الخليج، ويعزي البعض إلى أن هناك نكهة إيرانية تطبخ بها قراراتها، رغم أن عُمان تاريخياً ليس لها علاقة وئام دائمة، فقد حاربت إيران من أجل السيطرة على البحرين، وقد حاربت إيران معها لإخماد ثورة ظفارالعُمانية. فهي كيان مستقل منذ الأزل لا يصنف مع طائفة ما، وهو كيان خليجي أصيل بحكم الجغرافيا العمانية… التي هي بوابة الخليج «العربي».
عُمان كأي دولة تريد تأمين مصالحها، وهذا حصل تاريخياً ويتكرر الآن، فهي تريد تأمين مصالحها على قدر المستطاع، والحديث أن عُمان تحركها دوافع دينية، حديث بعيد عن الواقع. فعمان تاريخياً من أقوى حلفاء بريطانيا في المنطقة، وبريطانيا لها وقفات مع عُمان خصوصاً الدفع بإيران لمساندتها، ضد الثوار القوميين والاشتراكيين في ظفار والمدعومين من الاتحاد السوفياتي آنذاك.
في الحقيقة لا يحق لنا أن نتهم عُمان في أي موقف لا يروق لنا، فعُمان ترى مصلحتها في الدرجة الأولى وهذا حقها، لكن التدخل إقليمياً ما مصلحة عُمان فيه؟ خصوصاً دورها في التقارب الإيراني مع الخليج؟ والمصالحة اليمنية كمثال؟
عُمان تمثل الأرضية الصحيحة لأي تفاهم بين إيران والخليج، فهي طرف ووسيط مقبول من الغريمين –على الأقل حالياً – وأن تلعب هكذا دور له ما يبرره، ربما عمانياً، ولكنه بالطبع مبرر عالمياً، وقد تطلب الدول العظمى من عُمان أن تقوم بدور الوسيط، كما قامت به قطر في السابق بين الفرقاء الفلسطينيين، والسعودية مع الفرقاء اللبنانيين في الطائف.
روسيا لا تتفاهم مع أميركا، والسعودية لن تجلس مع إيران، و«إصلاح ذات البين» واجب بين الجيران لحل القضايا الإقليمية العالقة كاليمن وسورية! ولكن السؤال: من طلب من عُمان أن تقوم بهذا الدور؟ هل الشرق أم الغرب؟ وما عائد ذلك على عُمان السلطنة؟ أعتذر لأني أعجز عن الإجابة، لكن بالمقابل لا أرى ما يدفع السلطنة للمخالفة أو الافتكاك من تحالفاتها التاريخية، ما يجعلني أميل إلى فرضية أن «الغرب» وراء ذلك، ولكن بالطبع وفق مصلحة ورؤية عُمانية ثاقبة.