ربما سمعت هذه الجملة قريباً، ربما يسمعها كل كويتي يومياً، عبارة شاملة ومناسبة لأي وضع يقصده قائلها تعبيراً عن حالة الخوف من سوء الأداء، أو سوء النتيجة. هذه العبارة تقال في الكويت في مجالات عدة، نقولها في الرياضة، وفي التعليم كذلك، ونقولها كثيراً قاصدين السياسة والبرلمان. ولاشك أن جميع ما سبق يشكل جانباً من جوانب وأركان الدولة… فمعنى ذلك أن الدولة «ما تطمن». إذا كانت الدولة «ما تطمن»، فكيف سيعيش المجتمع؟!
من أهم الظواهر التي بدأت تنتشر أخيراً نتيجة لعدم الشعور بالأمان، هو التغريب الثقافي، والإيمان بالآخر. فعندما تُشاع هذه الكلمة عن التعليم، فإننا نجد توجهاً كبيراً ناحية المدارس الأجنبية، والحرص على تعليم الأبناء المناهج الإنكليزية، على حساب العلوم الدينية والأدبية. كل ذلك لأن المستقبل في هذا البلد «العربي» في نظر ولي أمر الطالب «ما يطمن»… فيقوم بإعداد ابنه الإعداد «العالمي» تحسباً لأي طارئ قد يحدث في المستقبل، وهذا مثال على اليأس من الناحية التعليمية.
ومن الظواهر التي بدأت تغزونا أخيراً، ظاهرة التخوين، فالشعور بعدم قدرة الدولة الأمنية والسياسية على حماية المواطن وحقوقه، يجعل المواطن يركن إلى الطرف «الأقوى» للحصول على حقه، وأحياناً لحماية مكتسباته. وهذا الضعف الأمني والسياسي في حماية المواطن، يزرع مبدأ في ذهن كل مواطن أن وضع الدولة «ما يطمن» من ناحيته، وأن عليه أن يبني جسوراً لتكون له الحصن الحصين في المستقبل.
أمثلة ومؤشرات كثيرة نشاهدها يومياً تؤكد على أننا غير مطمئنين للدولة السلوك الريعي، النفس العنصري و«أنت من ولده»، عدم التزام موظفي الدولة بساعات عملهم، الاستثمار في الخارج، تخريب المرافق، سوء استخدام المساعدات الحكومية، الانحدار الرياضي والفني… وغيرها من المؤشرات التي تدل على أن البعض يؤمن بأنه لا يمكن أن يستثمر في دولته، وذلك لأنه لا يؤمن بأن هناك من يحمي الحقوق على مسطرة المساواة. ربما هذه صرخة، أو نداء حتى ننتبه إلى التذمر الداخلي الحاصل ليس بسبب سوء المعيشة، بل بسبب «الرعب» من المستقبل. هذا الشعور هو كابح للإبداع، والعطاء ويجعلنا نراقب بعضنا بعضاً!