البلد بأكمله، بعدسه وبصله وثومه وقثائه متوقف، “هي جات على كرة القدم” كي نخصص لها وقتاً، لوحدها، للبكاء. يا سادة حفلة البكاء مفتوحة، والدعوة عامة.
وأتمنى ممن يريد أن يبكي على كرة القدم، أن يبكي، في طريقه، على حال المدارس، وحال فصولها، وحال ميزانياتها، وقبل ذلك، يبكي على حال التعليم، من الأساس.
وفي المحطة التي تليها، أتمنى أن يبكي على احتياطي الأجيال القادمة، وعلى خزينته التي عرف “الربع” شفرتها، أو كلمتها السرية، فحملوا مزاودهم على أكتافهم، وتسابقوا لينهلوا منها، بالهناء والشفاء والرفاء والبنين.
وفي المحطة التي تليها، سيجد من يرغب في البكاء عجوزاً مستلقية على الرصيف، اسمها سابقاً “حرية الصحافة والرأي”، فإن تكرم فليذرف عليها دمعتين حارتين، أو فاترتين، على سبيل التعزية لعزيزة قومٍ ذلت وهانت كرامتها على العالمين.
وقبل أن يصل إلى محطة كرة القدم، ليتوقف في محطة الصحة، ومحطة البنية التحتية، ومحطة البلدية، ومحطة الإسكان، ومحطات أخرى لا حصر لها، وليتصدق، حباً لله، ولو بدمعة واحدة عند كل محطة، وليحرص على أن يتبقى معه شيء من مخزون دمعه، أو دمعه المخزون، ليسكبه على الميزانيات والمال العام، بشرط أن يصل إلى محطة “بناء الإنسان”، التي يسميها البعض “محطة القيم الإنسانية”، وفي رصيده دموع وآهات طازجة، تساعده على التعبير عما يكنه في خاطره.
وإن وصل، بعد ذلك، إلى محطة كرة القدم، ومازال يمتلك رصيداً من الدموع، فلا يبخل بما تجود به نفسه، قبل عينه، فالحفل مستمر، والدعوة عامة.