ظاهرة شائعة بين الكويتيين من أجيال الخمسينات والستينات والسبعينات، رجال ونساء، ألا وهي تحسرهم وتأسفهم على أمجاد الماضي وتميّزه، فتراهم يتحدثون عن التميّز والتقدم، اللذين كانت تعيشهما الكويت في تلك المرحلة (الستينات والسبعينات)، فالتعليم كان في قمته، منهجاً ومعلمين، وعمرانا مدرسيا، والثقافة كانت رائدة، كتابا ومسرحا ومكتبات وندوات ومعارض، والرياضة كانت سباقة في أدائها المتفوق واستنهاض الحماسة الوطنية، مجلس الأمة والحكومة يقودهما رجال نسوا أنفسهم ومصالحهم، فنما الوطن سياسيا وفكريا بإخلاصهم وعزيمتهم، التجارة تدار من محترفين، وطنهم مقدم عليهم لا يبيعونه بثمن بخس ولا بصفقات مشبوهة، الصحة رعاية متكاملة تميزت فيها المستوصفات والمراكز الصحية بدور يشابه المستشفيات، وكانت تشكل كيانات ذاتية متكاملة، الحس الوطني وهم الوطن كان الشغل الشاغل للوطن ورجاله ونسائه وأبنائه، فانتشر العمل التطوعي واتسعت آفاقه ولم يقف عند الدينار والمكافأة والأجر.
لا شك في أنه من الجميل حقا أن نتذكر ونعيش الماضي الجميل بإنجازاته وازدهاره ونذكر أنفسنا والأجيال الحالية به، وملحّ أن نتذكره ونحن نعيش القلق على ما آلت إليه أحوالنا وحالة الدولة من ضياع للمسؤولية وتدنٍ في القيم وغياب لمؤسسة البيت والهزال الذي لحق بالتعليم، والفساد الذي لحق بالمؤسسات والسياسة وكثير من رجالها، حتى يدرك معظم من بيدهم زمام المسؤولية وقيادة المجتمع أن الكويت كانت دائما ولادة، وأن العقم الذي أصابها هو من صنيعتهم، وعليهم أن يدركوا أن الخطط المكتوبة والأموال الهائلة المرصودة لا تنهض بالوطن، وإنما ها هم الرجال وانشغالهم بالمصلحة الوطنية هو ما يحقق التفوق ونمو المجتمعات.
أمّا أنْ يتحول تذكرنا للماضي لحالة من «النرجسية» في الوله على الماضي والوقوف على الأطلال وذرف الدمعات والحسرات وكأننا في مأتم للندب والنياح، ومن ثم إدخال حالة اليأس إلى النفوس والإحباط، والتخلي عن المبادرة الوطنية الإصلاحية وما تتطلبه من تضحيات لا جمع للثروات والبخل على الوطن بفلذات الأكباد.. فذاك والله هو الهوان واليأس المقيت، وقد علّمنا المولى عز وجل أن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فهلم يا قومي إلى التغيير الإيجابي الذي يجعل من الماضي نبراسا للمستقبل.