«دوخت» الحكومة نفسها ومجلس الأمة وكل المواطنين بموضوع الحزمة الاقتصادية، والتي كان مخططا لها أن تطبق، وبطريقة تدريجية، منذ أكثر من 15 عاما، عندما بدأت بوادر الأزمة الاقتصادية والتسيب المالي بالظهور. ولكن تردد الحكومة وخوفها من «زعل» هذا الطرف أو تلك الجهة، ورغبتها في ارضاء بعض الناس بعض الوقت، أدى الى عدم رضا كل الناس عنها كل الوقت.
وتبين من سؤال مهم وحساس تقدم به النائب «ع . هـ» وجود أكثر من 1179 مليون دينار، قروضا حكومية على شركات ومؤسسات محلية قامت الحكومة بمنحها لها، إما من غير فوائد او بفوائد مخفضة. وأن غالبيتها استحقت آجال سدادها، ولكن لسبب او لآخر لم تسدد، ربما لأن الحكومة لم تطلب سدادها، في الوقت الذي تعاني فيه ميزانية الدولة من عجز مالي خطير غير مبرر.
لقد تفاءلنا خيرا بتقلد الشيخ «ع .س» حقيبة وزارة المالية، واشدنا بذلك في حينه، فهو يمتلك المعرفة والخلفية السياسية التي تؤهله لاتخاذ اصعب وأسلم القرارات وأكثرها صعوبة! ولكن يبدو ان ما ورثه من تركة ثقيلة من سلفه، وزير المالية السابق، ربما كانت السبب وراء صمته المحير، وتأخر صدور القرارات الجذرية، المالية والاقتصادية، التي نحن احوج ما نكون لها في هذه الاوقات العصيبة.
اننا لا نزال على تفاؤلنا، وبالرغم من أن الوقت اصبح متأخرا، فإنه ليس متأخرا جدا، ويمكن انقاذ الكثير لو تم التحرك بسرعة وبغير تردد في موضوع استثمارات الكويت الخارجية وموضوع القروض الدولية، وتخفيض العجز في الموازنة، واجراء تغييرات شاملة وواسعة في المناصب القيادية في الشركات المالية والاستثمارية، محليا ودوليا، وزيادة الدخل من المصادر غير النفطية، وتنويع الاستثمارات الخارجية، والاسراع بغير تردد في سياسة الخصخصة، وبيع المساحات العقارية الفارغة وغير المستغلة المملوكة للدولة والمتروكة كمجمعات للزبالة في العديد من المناطق، ووضع سياسة اقتصادية تقشفية واضحة المعالم ضمن خطة خمسية تلتزم كل مؤسسات الدولة بها.
ان هناك الكثير الذي من الممكن اداؤه بنجاح، ولكن يحتاج الامر الى اتخاذ القرار والسرعة في اتخاذه، والاصرار على تنفيذه. وبخلاف ذلك على المسؤول الاقرار بعجزه، بحجة وجود صعوبات «فنية»، والتنحي بسلام.
النص أعلاه نشر قبل ما يزيد على 15 عاما. وقمت بالإشارة عمدا بالأحرف الأولى لاسمي النائب عبدالوهاب الهارون، والوزير علي السالم، لعدم إرباك القارئ، ولضمان استمراره في قراءة المقال. ومن الواضح أن نصه صالح ويسري على وضعنا اليوم، فهل نحن بحاجة لـ«فشلة» أكبر من هذه؟ وهل يشك أحد في أننا اصبحنا ننحدر للهاوية، ولكن بسرعة أكبر؟!
ملاحظة:
نشكر سمو رئيس الوزراء تطبيقه قانون الذمة المالية، وتزويده هيئة مكافحة الفساد بكشف موجوداته، وهذا تصرف جميل، وكان سيبدو أجمل لو قام سموه شخصيا بزيارة الهيئة، وتسليمها الكشف، بدلا من قيامها بزيارته، لكي لا يصبح الأمر سابقة!