علماء التكنولوجيا أرعبونا، عليهم من الله ما يستحقون، أو شل الله أيديهم، كما يكتب بعض المعلقين على مقالاتي التي لا تلامس هواهم.
يقول العلماء إن السنين العشر القادمة ستشهد ثورة تكنولوجية خارقة. منها، على سبيل المثال لا الحصر، إمكانية ربط المشاعر والأحاسيس والمخ والذاكرة وغيرها بأجهزة الكمبيوتر.
يا للهول، على رأي يوسف وهبي، أو يا لهوي، على رأي نعيمة الصغير… هذا يعني أن الهاكرز يمكن أن يخترقوا عقولنا، ويعبثوا بمشاعرنا وأحاسيسنا وذاكرتنا وقدرتنا على تقييم الأمور! وأنا رجل يمكن أن يخترق جهازه ديك رومي طاعن في السن، إذ ليس الذي بيني وبين التكنولوجيا عامر، كما قال الأخ أبوفراس الحمداني، فما بالك بهاكر محترف ملعون جدف.
عليّ اليمين إنني سأروح ملحاً لا محالة، وأن يسبح الهاكر في مخي من دون عوائق، ويعبث في كل شيء.
وتخيل نفسك، بدلاً من أن تغضب عند اصطدام سيارتك بسيارة أخرى، مثلاً، ستترجل من سيارتك وأنت “تهزهز أكتافك”، وتغني لفيروز، وتسبل عينيك، وتطلب همبورغر بلا طماطم، بعد أن عبث الهاكر بمخك، فتداخلت مشاعر الطرب بمشاعر الهيام بمشاعر الغضب والارتباك، وساحت مع إحساسك بالجوع. جنون عصرة أولى، لا شك.
ستنقلب الدنيا “فوقاني تحتاني”، على رأي السوريين، وسيخترق الهاكر كمبيوتر عبدالحميد دشتي، ومنه يتسلل إلى مخه، فيصرخ عبدالحميد مخاطباً إيران: “أضمن لكم الكويت والسعودية، بعمودي الفقري، فهل تضمنون لي حزب الله وميليشيات الحشد الشعبي؟”، ويخرج إلينا صعلوك الإعلام
“أبوعسم” في هيئة داعشي، رافعاً سبابته، معتمراً عمامته، مزمجراً، مهدداً، فيقتل كل من يراه حليقاً (هو لا يرى أصلاً إلا عمال الصناعية، لذا لن ينجو منهم إلا أتباع الديانة الهندوسية، بائعو قطع الغيار، بسبب لحاهم).
ويخترق الهاكر مجلس الأمة، فينتفض نواب الصوت الواحد، نفضة رجل واحد، ويستيقظون من نومهم، ويتساءلون: كم لبثنا؟ ونستيقظ نحن من نومنا على تصريح حكومي في مؤتمر صحافي جامع: “حرية الرأي مقدسة”، قبل أن ينهض الوزراء، ويرددوا بصوت واحد حاسم حازم: “هيلا يا رمانة والحلوة زعلانة”، ثم يشبكوا أصابعهم مع بعضها البعض، ويدوروا في حلقة تنكمش وتتوسع! لنكتشف أن حكومتنا “تهكرت” هي الأخرى. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وتتهكر الكويت بقضها وقضيضها (قد ينجو قضيضها، ويتهكر قضها فقط)، ويتلفت الناس بعضهم في وجه بعض، بعد أن اختفت الواسطة، والزحمة، والرشوة، والفساد… فيغمى عليهم، فيموتون.
نحن مقبلون على كوارث يا سادة، خصوصاً إذا اكتشف كل منا مشاعر الآخر الحقيقية تجاهه، وهو ما يشغل العلماء الآن، علماً بأن العلماء هؤلاء يقولون بأن اكتشاف الإنسان لمشاعر الآخرين تجاهه سيحد من المشاكل. يبدو أنهم لم يحسبوا حسابنا في دراساتهم النفسية، أو يبدو أنهم علماء نص كم، علماء من سوق الجمعة.