خلافاً لتوقعات وزير النفط الكويتي، د. علي العمير، بأن أسعار النفط سوف يطرأ عليها تحسن في الربع الثالث من هذا العام، جاءت تطورات أسواق النفط، لتخيّب النبرة التفاؤلية، التي بشّر بها التصريح، فقد بدأ انخفاض أسعار النفط منذ بداية الربع الثالث في شهر يوليو، لتصل إلى أدنى مستوياتها في أغسطس عند 43.5 دولاراً، وهو ما يطرح التساؤل عن نجاح سياسة “أوبك” في رفضها تخفيض إنتاجها، بمبرر المحافظة على نصيبها في سوق النفط.
يمكن المجادلة، بأن دول “أوبك” حافظت على نصيبها من السوق، وزاد إنتاج بعضها، لكن ذلك جاء على حساب انخفاض إيراداتها النفطية، فقد تكبّدت خسائر كبيرة قدرت في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2015، مقارنة بالفترة نفسها في عام 2014، بمبلغ 356 مليار دولار، وفق ما ورد في جريدة الكويتية، وبلغت خسارة الكويت 35.7 مليار دولار.
ويقدر تقرير “الشال”، أن إيرادات الكويت النفطية للأشهر الأربعة الأولى من السنة المالية 2015 – 2016 (من أبريل إلى نهاية يوليو) بلغت 5.7 مليارات دينار، بانخفاض 40 في المئة عما كانت عليه في الفترة نفسها من السنة المالية السابقة 2014- 2015.
وبناءً على ذلك، يقدّر تقرير الشال، أن ميزانية الدولة ستتكبد عجزاً قيمته تتراوح ما بين 4 و5 مليارات دينار.
وخسارة إيرادات الكويت وبقية دول منظمة أوبك – نتيجة للمحافظة على حصتها السوقية، وما أدى إلى استمرار انخفاض الأسعار- هي خسارة حقيقية، فالنفط المنتج وتصديره فاقد لا يعوض، وهو استنزاف لاحتياطياتها النفطية، في حين لو تم تخفيض الإنتاج بنسبة 7 في المئة، على سبيل المثال، للمحافظة على الأسعار عند 80 دولاراً للبرميل، لما تجاوزت خسارة دول “أوبك”، مجتمعة، 50 مليار دولار، بدلاً من 356 مليار دولار، وهذه الخسارة هي خسارة نقدية، فالمخفض من إنتاج النفط باقٍ.
كان هدف عدم تخفيض الإنتاج، هو الضغط على إنتاج المناطق عالية الكلفة، وخصوصاً إنتاج النفط الصخري الأميركي، الذي يعد السبب الرئيس للانخفاض، بعد ارتفاع كميات إنتاجه منذ سنة 2010، ليصل إلى نحو 5 ملايين برميل يومياً عام 2014- 2015، مدعوماً بأسعار النفط المرتفعة، التي وصلت إلى معدل فاق الـ110 دولارات في مايو 2014.
وتأثير انخفاض أسعار النفط على إنتاج النفط الصخري كان محدوداً حتى الآن… فعلى الرغم من انخفاض أجهزة الحفر بنسبة 50 في المئة، فإن انخفاض إنتاجه كان محدوداً، بحجم نحو 500 ألف برميل يومياً، وانحصر التأثير في قطاع الاستثمارات الجديدة… أما الحقول المنتجة، فلم تتأثر بنسبة كبيرة، ووفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن إنتاج النفط الصخري سيحافظ على معدل إنتاجه الحالي (نحو 5 ملايين برميل) إلى سنة 2030، وسيبقى إجمالي إنتاج النفط الأميركي عند معدلاته الحالية (نحو 9.6- 10 ملايين برميل يومياً).
أما بالنسبة لحركة أسعار النفط في المستقبل، فإذا استمرت دول “أوبك” في التمسك بموقف عدم تخفيض الإنتاج، فستبقى الأسعار عند مستوى أقل من 60 دولاراً.
وبالنسبة للكويت، فبقاء الأسعار تحت معدل 60 دولاراً، أو أقل في المدى المنظور، سيؤدي إلى استمرار ظهور العجز في ميزانية الدولة، لا يقل عن تقديرات تقرير الشال الاقتصادي بين 4 و5 مليارات دينار، يزداد مع الزيادة الحتمية في الإنفاق العام للدولة.
قضية الجسار وأعضاء اللجنة
أثار الحُكم القضائي، بحبس أعضاء لجنة وزارة الكهرباء، المكلفة دراسة عطاءات تركيب مولدات كهرباء بصورة عاجلة، صدى واسعاً، وأثار تساؤلات حائرة، خصوصاً أن اللجنة مكلفة بالدراسة وإبداء الرأي، وهي لا تقرر، وإنما ترفع توصياتها للوزير، الذي يُعد صاحب القرار، وأن توصية اللجنة اشترطت في تقريرها، استكمال البيانات عن الشركة، التي فازت بالمناقصة، وعرضها على الجهات الرقابية.
فكما نُشر في الصحافة المحلية، أخيراً، فإن م. أحمد الجسار أبدى تحفظه، وسجله في محضر الجلسة، كما أنه رفع كتاباً إلى الوزير، يؤكد تحفظه، وكان موقف الوزير، هو تجميد م. الجسار مدة فاقت العام.
استقالة الجسار، تحاشياً لإحراج الحكومة، وإصراره على الصمت، احتراماً للقضاء وعدم إرباكه، انتظاراً لمرحلة الاستئناف، موقف جريء ومشرّف، عن شخص مشهود له بالكفاءة والنزاهة.
آخر مقالات الكاتب:
- انتخابات 2016 فرحة لم تكتمل
- أول مجلس يحلّ نفسه
- لا تزرعوا الكراهية فنتائجها وخيمة
- الانتخابات المقبلة… المقاطعة أسلم أم المشاركة؟
- الفساد وصل إلى العظم
- منع الاختلاط والحول الفكري
- الدمار والقتل في حلب مسؤولية روسيا
- المأزق الذي نواجهه من صنع السلطة
- وداع… وإنقاذ
- برنامج الحكومة الإصلاحي… لا جديد فيه ولا يحمل جدية