ليعذرني القارئ هذا الأسبوع، فمقالنا سيكون موجَّها لما حدث ويحدث بجامعة الكويت، التي لا تزال إفرازات العملية الانتخابية مستمرة بها، ولم تنتهِ حتى كتابة هذه السطور.
فكما «يدبي النمل على ريح الدسم»، تدبي كوادر قائمة المستقلة بشكل متناسق وتصاعدي نحو أبواب مبنى الاتحاد الوطني لطلبة الكويت ـ فرع الجامعة، مقابل استعداد نفسي «ائتلافي» لتسليم «المستقلة» مفاتيح الاتحاد، عبر حامي بوابة الاتحاد الأمين، «بوخالد».
هذه المقدمة يتداول فكرتها الطلبة في الممرات الجامعية، فنقاط الانكسار التي تحققت في السنوات الثلاث الأخيرة كفيلة بأن تدعم هذه الحكاية، سقوط أسطورة الائتلافية، ولعل أبرز علاماتها، انهيار أعمدتها التاريخية على التوالي، بداية بمعقلها في كلية الهندسة، الذي صار لـ «المستقلة»، مروراً بالجمعية التربوية، وصولاً إلى القشة التي قصمت ظهرها، بخسارة حليفها الاستراتيجي في انتخابات كلية الشريعة.
سيناريو الاحتضار وطلوع الروح الذي تعيشه «الائتلافية» اليوم، هو كلاكيت «ثاني مرة» للمشهد ذاته الذي حدث في العام النقابي 2000/2001، عندما قلصت «المستقلة» الفارق الرقمي إلى 1677 صوتا عن «الائتلافية»، بتحقيقها 2927 مقابل 4604 لـ «الائتلافية»، وهو أقل فارق في تاريخ المنافسة بينهما، الأمر الذي أقنع «الائتلافية»، بأنها حتماً «شايلة قشها»، لولا وسيلة «التحالف مع السلف»، التي بررت بقاءها على مقاعد الاتحاد إلى هذا اليوم، فكانت هذه الخطوة الورقة الذهبية و«الجيكر» الذي استخدمته لتلتقط أنفاسها، والتساؤل هنا: بعد أن «قطت الجيكر»، ما الذي تبقى في أوراق «الائتلافية» اليوم؟
***
إذا لم تجد «الائتلافية» الإجابة عن هذا التساؤل، فهذا أمر طبيعي، فـ«الجيكر» وفق دستور دواوين الكويت، فصل لعبة «الكوت»، لا يمكن استخدامه إلا مرة واحدة، لذلك ليس عليها إلا أن «تقط الورق» وتخرب اللعب، وكيف تخرب اللعب؟
ببساطة، أن تنقل الصورة الانتخابية الحقيقية واحتمالية سقوطها بكل وضوح إلى مكتب الحركة الدستورية، وترجوهم أن يضغطوا على الحكومة، لتحويل الانتخابات الجامعية إلى انتخابات فردية، مقابل أن تمتطي الحكومة «حدس» في المرحلة السياسية المقبلة، وهو أمر اعتادت عليه «حدس».. وبهذه الحالة، حافظت على سجلها التاريخي، من دون أي خسارة، وحرمت «غريمها» من فوز محقق!
***
من وجهة نظري، أن الرابح الأكبر في الانتخابات الجامعية، هو مَن يدخل الانتخابات مدججاً بأجندة حقيقية، ويعمل على الترويج لأفكاره ومعتقداته، وهذا التعريف ينحصر في قائمتين: قائمة الاتحاد الإسلامي (السلف)، والقائمة الإسلامية (الشيعة)، فالاتحاد الإسلامي يتمحور دورها، الذي أحترمه، في إحياء التراث الإسلامي، انطلاقاً من شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من خلال أنشطتها ورسائلها عبر لجنة التوعية الاجتماعية في الاتحاد، في مقابل القائمة الإسلامية، القريبة من جمعية الثقافة الاجتماعية، تسعى إلى توزيع منشورات ينحصر محتواها في ثلاث قضايا: إحياء ذكرى المقتل والميلاد، والترويج لصور الرموز والمراجع الشيعية في الممرات الجامعية، ومهاجمة مناهج كلية الشريعة.. وبس!
***
فاجعة سقوط قائمة الوسط الديمقراطي، هذه القائمة العريقة، هو أمر متوقع، وخاصة بعد انقسام شبابها، ما بين المشاركة في الانتخابات البرلمانية، أو مقاطعتها، فهيئة التنسيق فيها، التي أعلنت تأييدها حكم المحكمة الدستورية، ذهبت مع المشاركة في الانتخابات مع حرية الاختيار للجميع، وهي عادة «الوسط» منذ تأسيسها، بالمطالبة بعودة الحياة الديمقراطية والمحافظة عليها، التي لاقت المعارضة من بعض كوادر «المنبر»، الذين اختاروا مقاطعة الانتخابات ومقاطعة «الوسط»!
أضف إلى الانقسام، عامل الصبغة الحديثة العهد التي لطخت الوسط، وحوَّلت أغلبية عناصرها إلى طلاب «شيعة»، فصار من يرى حشودها واجتماعاتها و«طاولاتها»، كأنه يرى تجمعا «فرعيا» للقائمة الإسلامية!
ولم ينحصر الأمر في هذه الملاحظات «غير الرسمية»، والتي قد نختلف حولها، بل بلغ الأمر، أن ينزع أكثر من منسق «شيعي» رداء الليبرالية، ويتخلى عن إيمانه بـ«حرية التعبير»، ويهاجم في «العلن» وفي الصحف كل ما يصدره «سلف» الجامعة من نشرات، كمهاجمتهم دعوة الاتحاد إلى صيام يوم عاشوراء، فكانت الصبغة «الشيعية ـ الدينية» هي لون القائمة «الليبرالية» أخيرا، الأمر الذي جعله عاملاً منفراً لكثير من الطلبة «الوطنيين»!
***
فاجعة أخرى تقبل الضحك والبكاء، في آن واحد، عنوانها: «القبائل ركبت القوائم».. فبعد كل «الكلام الفاضي» الذي كنا نتابعه في مناظرات القوائم، وصراخ «الفكر والمبدأ»، نكتشف أنهم أصبحوا مجرَّد «عتبة» تدوس عليها القبائل، لتحقق غاياتها.. القصة باختصار: مرشح قبيلة خاض الانتخابات مع القائمة التربوية «الائتلافية»، وفاز «رئيساً» للجمعية عام 2013، وبعدها بعام نقابي، خاض نفس المرشح الانتخابات مع القائمة المستقلة، وفاز «رئيساً» لنفس الجمعية.. وهنا أقول: فازت القبائل.. وخسرت القوائم.. و«طز» بالفكر!
***
37 عاماً سيطرت فيها «الائتلافية» على مقاعد الاتحاد ورصيد إنجازاتها: صفر، لماذا؟ لأنها عجزت عن تقديم أي فائدة أو خدمة تذكر لـ«الإخوان المسلمين»، وخجلت دائماً أن تكشف عن هذه الهوية، ولم تخدم بشكل موجه و«حصري» رموز الحركة الدستورية، بل أضحت أسوار الجامعة معبراً للنواب، بمختلف مشاربهم السياسية، هذه هي الخسارة الحقيقية لقائمة الائتلافية، التي اكتفت بالخدمات الطلابية، وإعلان المواقف حول الأحداث المختلفة، ومن هذا المنطلق، علينا أن نعرف، ما الفكر الذي ستخدمه وتروج له «المستقلة»، بعد وصولها إلى مقاعد الاتحاد؟ أم أنها ستكتفي بمنافسة «الائتلافية» في تنظيم أصبوحة شعرية؟!
آخر مقالات الكاتب:
- داعشي.. «جاي» أفجر وأمشي!
- رداً على «المُعتذر»: حول الجهاد.. وذات «غيفارا» المصونة!
- انتفاضة «السكاكين».. والصهاينة «المساكين»!
- يندرباييف.. خطاب.. دوداييف.. الذين صفعوا الدب الروسي!
- جروح «الوسط».. جموح «المستقلة».. وطلوع روح «الائتلافية»!!
- لاجئ سوري.. على باب إسرائيل!
- #الله_يرحم_أبرهة
- الخائن “ابن العلقمي” .. وأحفاده فئران “العبدلي”!
- حصاد السوالف مع «رياض».. حول «العناد» في الاتحاد!
- وعدوه بالتثمين.. فاشترى «خ ي ط ا ن» وانتَحَر!