الرئيس الأميركي أوباما «يتحدث» فقط، بينما الرئيس الروسي بوتين «يفعل» ما يريده في مسألة «شبه جزيرة القرم»، بل وصلت قواته إلى سورية مستغلا ضعف التواجد الأميركي ـ (يديعوت الإسرائيلية).
أوباما في كلمته للجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد على رحيل الأسد قائلا: «بعد كل هذه الدماء التي نزفت والمجازر لا يمكن أن تكون هناك عودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل الحرب».
ويجدد أوباما رفضه للموقف الروسي «الذي يدعم الأسد قاتل الأطفال في سورية»، اما الرئيس الروسي بوتين فقد أوضح بكلمته بالأمم المتحدة «ان عدم التعاون مع الحكومة السورية التي تحارب الإرهاب وجها لوجه يعتبر خطأ فلا أحد غير الرئيس السوري بشار الأسد والأكراد يقوم بحق بمحاربة الإرهاب وداعش».
ما سبق ـ هو حصيلة أهم العبارات التي وردت في خطاب الزعيمين في الأمم المتحدة، ولكن ما الذي جرى في لقاء القمة بينهما والذي استغرق 90 دقيقة؟!
يقال إن الأولوية كانت للقضية الأوكرانية التي كانت محور الجزء الأول من الاجتماع وأخذت اكثر من 30 دقيقة، بعدها أخذت القضية السورية كل الوقت المتبقي!
بالاجتماع أبلغ أوباما بوتين أنه لا استقرار في سورية مع بقاء الأسد، وان بقاءه غير عملي ولا يسمح بمرحلة انتقالية.
بينما عارضه بوتين قائلا: ان عدم التعاون مع نظام الأسد خطأ جسيم، وأن وحدهم السوريون من يقرروا مصير الأسد.
من الواضح ان الاختلاف في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وروسيا كبير جدا، ولكن الروس يدعمون وجهة نظرهم بتحركات على الأرض، بينما الأميركان يكتفون بالحديث فقط عنها!
كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تمسك بخيوط اللعبة الاستراتيجية بالشرق الأوسط ـ أما الآن ـ فروسيا وحلفاؤها «إيران ـ العراق ـ سورية» يتصدرون المشهد الاستراتيجي او يعقدونه على أقل تقدير.
والسبب يعود للأخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها إدارة أوباما، حيث تركت العراق بعد تحريره لاتباع إيران ـ وقامت بإعادة تسويق إيران دوليا وصولا للاتفاق النووي ـ لم تقم بدعم المعارضة السورية بالشكل المطلوب لقتال الأسد وداعش معا.
مما لا شك فيه، أن القوات السورية والميلشيات التابعة لها كانت على وشك الانهيار التام، ومعركة الزبداني والمفاوضات التي دارت فيها أكبر دليل على انهيار قوات النظام والإيرانيين وحزب الله، مما تطلب دخولا روسيا سريعا وقويا في ارض المعركة، لتفادي السقوط المدوي للحلفاء، فسقوط سورية سيتبعه سقوط سريع لحزب الله وبعدها سيحجم دور إيران ومن ورائها روسيا!
لذلك قامت روسيا بإعادة تسليح قوات الأسد وزادت تواجدها العسكري في مناطق الشريط الساحلي السوري.
ولكن السؤال الكبير ـ هل روسيا بنشرها لقواتها وأسلحتها في سورية ـ تستعد لحرب طويلة ستخوضها مع الأسد لإعادة بسط سلطته على كل الأراضي السورية، أو لحماية الأقليات العلوية والمسيحية في تلك المناطق ـ فقط ـ تحسبا لحل سياسي مرتقب، قد يشرك بقايا النظام والجيش في سلطة انتقالية لا يكون الأسد من ضمنها؟
لا يهمنا ماذا يفعل الأعداء فهم بالنهاية أعداء ومتوقع منهم الأسوأ، ولكن ما يقلقنا ماذا سيفعل الحلفاء والأصدقاء، هل سيدعموننا او سيخذولننا.
يبدو أن الولايات المتحدة ـ لا تستطيع او لا ترغب ـ في فرض سياسية موحدة على حلفائها في الناتو تجاه الأزمة السورية، فكيف نتوقع منها أن تفرض سياستها على فرقائها الدوليين!
فألمانيا ومستشارتها ميركل أيدت بتصريحاتها الأخيرة «إشراك الأسد في أي محادثات تهدف لإنهاء الأزمة السورية»، وتبعها بذلك، رئيس الوزراء البريطاني كاميرون والذي أكد بتصريحاته أنه لا يمانع «بقاء الأسد في مرحلة انتقالية مؤقتة».
جاءت تلك المواقف من دول يفترض فيها الوقوف مع الولايات المتحدة وحلفائها العرب في الشرق الأوسط لا أن تقف في الجهة الأخرى.
٭ ختاما: حلفاؤنا الغربيون فقدوا حيويتهم السياسية واصبح علينا أن نجرهم جرا إلى معاركنا ـ وكما فعل التحالف العربي في اليمن سيفعل في الشام، ولكن بعد انتهاء عمليات الحزم.
٭ الخلاصة: نحن الخليجيون مشغولون في اليمن عن الشام، فالوقت يداهمنا وقد ينجح الروس باستعادة سورية الى الأسد قبل ان ننتهي من حربنا في اليمن، ولكننا ـ أولا ـ نتوكل على الله ـ ثم نعول كثيرا على صمود الجيش الحر وعلى تغيير الإدارة الأميركية التعيسة في الانتخابات القادمة.