الإعلان عن توسعة الهدنة المحدودة بين اطراف النزاع السوري قد يكون بداية حقيقية للتفكر في حال ومآل احوال الشعب السوري. عوضاً عن التسابق المحموم للتكسب من الازمة السورية الذي اتقنته بحرفنة جميع الاطراف المسؤولة عن تأزيم الوضع وتعقيد الحل.
ان إلقاء اللوم على النظام السوري وحده، وبالتالي المراهنة على استبعاده من الحل القادم او إلغائه من الصورة القادمة للمستقبل السوري ليس تجنيا غير محمود على النظام وحسب، بل هو تعطيل وتعجيز ـــ ربما مقصود ـــ لفك ازمة الشعب السوري وانهاء معاناته. لم يكن الشعب السوري يتمتع بمعدل تنمية عالٍ، ولم يكن الوضع المعيشي للسوريين متفقا وإمكاناتهم ولم تكن الحريات متوافرة، ناهيك عن مضمونه. لكن كان هناك امان واطمئنان، وبصيص امل، ولو بسيطاً، في التقدم والرقي. اليوم الانسان في سوريا يُهجَّر او يُقتل او يُحرق وكل ما في سوريا يهدم او يدمر. وليس النظام السوري وحده مسؤولاً عن هذا الدمار، فنحن نعلم ان العقود الاربعة الماضية لم تكن منًّا وسلوى، ولكنها كانت، الى حد ما، بردا وسلاما في سوريا.
ان تصور وجود حل بمعزل عن النظام السوري او باستبعاد الرئيس الاسد، والذي تروج له اطراف دولية نافذة وفعالة، خطأ فادح. يدفع ثمنه مع الاسف السوريون وحدهم. فالرئيس السوري لا يمثل نظاما فاسدا، وان كان، ولكنه يمثل طائفة تخشى على مصيرها وطوائف اخرى تعلم ما ينتظرها من «الثوريين» السوريين الذين لم يقدموا حتى الآن غير القتل والدمار ولم يخلفوا غير العنف والاذلال في المناطق التي سيطروا عليها.
ان الصراع ليس بين الدكتاتورية والديموقراطية كما يزعم البعض. وليس بين التشبث بالسلطة او طلبها. ولكنه مع الاسف صراع طائفي بحت. تعلم كل طائفة ان مصيرها سيكون مأساويا ان خسرته. لهذا يستميت الناس للقتال في سوريا ويستميت الكثيرون للدفاع عن نظام نعلم جميعا انه لا يستحق الدفاع عنه. ولكن ما العمل والقادم أسوأ، والبديل لا يبشّر بالخير..!
ان الحل هو في التواصل مع النظام ومحاولة تحديد صلاحياته او تقليم اظافره سلميا. وتوفير فرص سلمية واستقرار كاف للشعب السوري لتحديد مصيره. لكن هذا يعني «الاستسلام» والاعتراف بالخطأ او بتدمير سوريا من اجل لا شيء، وهو ما يحرص بعنف على تجنبه الكثيرون دولاً وجماعات وأفراداً.