تعاني مجتمعاتنا العربية من أشد وأخطر الأمراض والتي من الممكن أن تفتك بكل مقدراتها وقدراتها، وأقصد بذلك مرض الفساد، فالدول العربية او الشرق أوسطية عموما في أواخر القوائم الدولية من حيث كل شيء جميل كالشفافية والتعليم والتنمية والاستثمار والصحة، بينما ستجدهم على رأس القوائم الدولية المعنية بكل شيء سيئ!
الفساد العربي سبب رئيسي لوفاة الإنسان العربي، فهو اكثر خطورة على حياة الأفراد والمجتمعات العربية من تهديد الأوبئة التي نخشى أن تصيبنا.
فالفساد ضرره عام وتأثيره يشمل قطاعات شعبية كبيرة ومجالات متعددة مقارنة بمدى انتشار الأوبئة الصحية ومحدودية أضرارها.
اجزم بان العلماء قد ظلموا مرض كورونا عندما اطلقوا عليه تسمية «متلازمة الشرق الأوسط»، بينما كان الأحق بهذا اللقب وبكل جدارة هو «الفساد» في الشرق الأوسط!
فإذا قتل مرض كورونا بضع مئات، ففي المقابل كم قتل الفساد العربي؟!
هل نستطيع ان نحصي كل الحروب العربية العبثية التي قامت من أجل إرضاء غرور الديكتاتور العربي وراح ضحيتها مئات الالوف من الشعوب العربية؟ بل كم قتيلا عربيا ومشردا من ثورات الربيع العربي لأجل الحرية التي ينازعنا عليها الديكتاتور؟ كم مواطنا عربيا فقد حياته بسبب فساد الدولة وكان اما ضحية تحت انقاض عمارات غير صالحة للسكن او داخل عربات قطاراتنا المتهالكة او على طرقاتنا البائدة، بل كم قتيلا عربيا مات بالاخطاء الطبية داخل المستشفيات العربية؟!
لا شك ان فساد الدول والمجتمعات اكثر خطرا من الأوبئة والأمراض وبلا فخر نحن العرب أكثر شعوب الأرض فسادا من جميع النواحي السياسية والاقتصادية وغيرها، وتكاد لا تسلم منه إلا القليل من الدول العربية.
ربما استحقت ظاهرة الفساد السياسي العربي أن يطلق عليها متلازمة الشرق الأوسط بدلا من ان يطلقه الأطباء على الفيروس المسكين «كورونا»، فالفساد أكثر الظواهر وضوحا في إقليمنا، بل يتناقله الشرق أوسطيون من جيل إلى جيل، ومن مكان إلى مكان أينما رحلوا، سواء كان رحيلهم للسياحة أو للهجرة.
الخلاصة: الفساد السياسي هو الأب الشرعي لكل أنواع الفساد الأخرى الاقتصادي، الاجتماعي، الصحي..الخ، فما لم يتخلص الشرق أوسطيون من فسادهم السياسي فلن ينعموا بحياة كريمة بل ربما لن ينعموا بالحياة أصلا!