امتد خراب المتطرفين المسلمين ليصل إلى مناطق نائية شمال أفريقيا، ولتتسبب آثامهم في وقوع صدامات دامية بين المتشددين العرب السنة، والأمازيغ الأباضية، وهي من أخطر الصدامات التي وقعت حتى الآن بين مكوني الجزائر الأكبر.
***
يتراوح عدد الأباضيين في العالم بين 6 و7 ملايين تقريبا، قاعدتهم سلطنة عمان، ويتواجدون في الجزائر وتونس وليبيا ودول أفريقية أخرى. والأباضية مسلمون يعود تاريخ مذهبهم الى القرن الأول الهجري، وأسسه عبدالله بن أباض، وهو من قبائل تميم.
يتقبل الأباضي مصاهرة المنتمين للمذاهب الإسلامية الأخرى، كما ان عاداتهم مماثلة لعادات غالبية سكان الجزيرة العربية، ولكن لهم آراء مختلفة في الخلافة والحكم، وأسلوب التعامل مع الحاكم. وبالرغم من اعتدالهم من الناحية الفقهية، فإنهم كانوا تاريخيا في عداء مع بني أمية والعباسيين، لاعتقادهم أن الخلافة من حق أي مسلم، وما كان يجب قصرها على القرشيين، كما حدث لستمئة عام تقريبا. وبسبب هذا الرفض ينسبهم البعض للخوارج. كما يميل الأباضية لاستخدام الرأي بدلا من القياس والإجماع، ولا يؤمنون بتوارث الحكم، ولكنهم في عمان مرنون فقهيا في هذه المسألة.
وبالرغم من سلمية اتباع الأباضية، وعدم ميلهم للعنف، فإنهم لم يسلموا من تكفير كثير من المسلمين لهم، وبالذات من السلفيين. وتهمة أن الأباضيين خوارج مصدرها جماعة السلف، الذين لم يتركوا طائفة من دون أن يتهجموا عليها ويخرجوها من الدين.
وورد في مقال للكاتب المصري (الإخواني) فهمي هويدي أن الفتنة بين الأباضية الأمازيغ والسلفيين العرب بدأت مع بث قناة اقرأ السعودية حلقة حوارية حول الأباضية شارك فيها من وصف نفسه بعالم دين من الجزائر، وكان محورها يدور حول فساد عقيدة الأباضية، وجواز قتلهم واستباحة أموالهم باعتبارهم خارجين عن الملة. وكان للحديث صداه في سلطنة عمان، ولكنها عالجت الأمر على طريقتها بتجاهل الإهانة، والهدوء في التصرف.
إلا أن الأمر اختلف في الجزائر، حيث يعرف شعبها بطبيعته الأكثر ميلا للانفعال والعنف، وكانت النتيجة ان التظاهرات خرجت في منطقة غردايه تهتف: لا إله إلا الله، الأباضي عدو الله! ومنها تفجر الصراع ليشمل مناطق أخرى. ويقول هويدي إن علينا ان نعترف بأن السلفيين كانوا ولا يزالون يشكلون أحد مصادر إثارة الفتنة والشقاق في العالم الإسلامي؛ واشتباكاتهم لم تتوقف على مدى التاريخ مع مخالفيهم من الأباضية والمتصوفة والمعتزلة والزيود والشيعة، هذا غير صراعهم مع مخالفيهم الآخرين في الرأي من دروز وعلويين وأقباط.