بدءاً، لن أردد الكليشة المعلبة “سنة شيعة بدو حضر”، بعد أن بهت لونها، لكنني سأضع كلمة “بعض” بين مزدوجين، في السطور الأولى، لتسري على المقالة كلها، وتعينني على استثناء شرفاء القبائل والشيعة والحضر، وسأستعين بمصطلحات لطالما أردت الابتعاد عنها، لكنني لست في غنى عنها اليوم. ثم سأحمل “صينية” الموضوع في يدي، وأدفع باب القاعة بكتفي، وأضعها ساخنة أمام القراء.
في السنوات الأخيرة، كثر الحديث عن ظلم السلطة وطغيانها، ما دفع البسطاء إلى اللجوء إلى حاضناتهم الاجتماعية أو الدينية. وهو حديث يرتدي ثياب المنطقية، بشكل عام. لكن، والأتراك يقولون “أصدق الحديث ما يأتي بعد (لكن)”، هل يدفع ظلمُ السلطة المظلومَ إلى العمالة للأجنبي، وخيانة وطنه، وتكديس الأسلحة فيه انتظاراً لساعة الصفر الدامية، التي ستقود إلى مجازر وحرب أهلية، نتيجتها شطب دولة كاملة من الخريطة؟ أو تحويلها إلى ملقط بيد الأجنبي، يلتقط به القذارات والأوساخ والجمر وكل ما لا يريد أن يدنس يده به؟
هذا ما يظنه البعض، للأسف الشديد، لكن الأسف الأشد هو ما كشفته لنا وسائل الإعلام والتواصل، عندما فوجئنا أن لخلية حزب الله الكويتية مجاميع تجاهر بتأييدها لها وتفاخر، وتسوق الحجج والمبررات دفاعاً عنها، أبرزها اتهام كل رافض للخلية بالطائفية، وأخطرها ارتداء عباءة المظلومية، وتبرير ما حدث بأنه نتيجة “ظلم السلطة لبعض الشيعة من الخلية، ما اضطرهم إلى اللجوء إلى الحاضن الخارجي، إيران”! مع التنويه والتشديد ولفت الانتباه إلى أن بعض أصحاب هذا التبرير يحملون شهادة الدكتوراه، ويشغل بعض المتعاطفين مع الخلية مناصب حساسة، نيابية وقيادية، ويحظى بعضهم بمكانة دينية، مع شديد الأسف والذهول.
وهنا سأوجه حديثي لهؤلاء المبررين، وسأسألهم بوضوح: “إن وافقناكم على أن للمظلوم الحق في الانتقام (رغم رفضنا لهذا المبدأ عندما يتعلق بالأوطان) فهل ما تعرض له أبناء الشيعة من الخلية في الفترة الأخيرة يفوق ما تعرض له أبناء القبائل؟ وهل يمكن لنا أن نبرر لمن يفعل فعل خلية حزب الله، لو كان من أبناء القبائل؟”، لا تستعجلوا بالإجابة، وافتحوا الفضاءات والعقول لنتحدث بصدق مؤلم وشفافية موجعة…
فكروا في الإجابة، واحتفظوا بها للرد في هذا العمود، إن أردتم، أو في أي مكان آخر، بعدما أستكمل الجزءين المتبقيين من هذه المقالة، يومي الثلاثاء والخميس المقبلين، وسأحتفظ أنا وغيري باحترام إخوتنا الشيعة الشرفاء الذين لا يحتاجون إلى شهادة أحد في ولائهم للوطن، ورفضهم للخيانة بشكل عام.