سواء هي صفقة شراء طائرات حربية أوروبية بثمانية مليارات يورو أو أنها مشروع صفقة، فالنتيجة واحدة هي أن الحكومة (السلطة) حتى هذه اللحظة لم تستوعب حجم أزمة تدهور أسعار النفط إلى ما يقارب 45 دولاراً، أو أنها تراهن وتقرأ الغيب والمستقبل الذي يبشرها بأن أسعار النفط ستقفز إلى أيام زمان بقدرة قادر! السؤال المطروح الآن هو مدى حاجة المؤسسة العسكرية إلى مثل تلك الصفقة، فبحكم وضع الدولة الجغرافي و”ديموغرافيتها” لن تشكل هذه الطائرات أو غيرها ردعاً لمخاطر عدوان خارجي، فهي لن تكون عامل ردع لإيران أو غير إيران، هذا بفرض أن تلك الدولة تهدد أمن أو وجود الكويت، فتجربتنا في أغسطس 90 مع الغزو العراقي مازالت في الذاكرة، حين لم تكن ترسانة الأسلحة وصفقات الدفاع السابقة لها ذات جدوى وابتلع جيش صدام الدولة وسلاحها في لحظات.
التاريخ يخبرنا أن قوة الكويت بتوازن علاقاتها مع الدول المحيطة بها بالدرجة الأولى، وبتحالفاتها الأمنية مع الولايات المتحدة والدول الكبرى بالدرجة الثانية، بكلام آخر الدبلوماسية الكويتية الحصيفة حين لا تستفز طرفاً ضد آخر ولا تتحالف مع دولة جارة ضد جارة أخرى ولا تتدخل في مغامرات عسكرية، هي السلاح الأمضى والأكثر فعالية لهذه الدولة، أما صفقات السلاح الفلكية بحجمها فلم تكن نافعة لغير وكلاء تلك الأسلحة، حين يزيد ثراؤهم وتفتقر خزينة الدولة بمقدار انتفاخ ثرواتهم.
نفهم أن تظل الدولة ملتزمة بالإنفاق على مشروعات التزمت بها في السابق للبنية التحتية من بناء جسور وطرق أو مستشفيات ومطار مناسب وغير ذلك، فتلك من مسائل الضرورة، واستمرارها ينفخ بعض الروح في الوضع المالي نوعاً ما، أما صفقات السلاح فلم تكن نافعة في أيام العز والوفرة المالية تحت ظلال أسعار النفط العالية لغير ملوك السلاح، فكيف الوضع الآن وعجز الدولة المالي ينمو يوماً بعد يوم!
أزمتنا الحقيقية ليست في هذه الصفقة أو مشروعها إنما هي بالفكر المغيب عن واقع الحال، ولخص تقرير “الشال” هذا بقوله إن “الوضع أخطر من أن تستمر الإدارة العامة في فهمها وأسلوب مواجهتها لأزمة سوق النفط الحالية، لقد أخفقت كل تحذيرات زمن الرواج في إقناعها بتغيير نهجها، ولا يفترض في الوضع الحالي التسامح مع نهج قد يؤدي باستقرار وربما بمستقبل البلد…”( الجريدة 30 أغسطس).
قبل عشرين سنة كتب باحث أميركي في “فورن افيزر” أن “الاقتصاد والسياسة في دول الخليج في إجازة”، بالتأكيد إن الجماعة مازالوا في إجازة رغم نهاية حلم النفط الوردي… فمتى تصحون، wake up!