أكثر من مئة وسبعين ألف مرة فكرت في تركيب كاميرات مراقبة في بيتي، في الكويت، ليس لدوافع أمنية، خشية اللصوص أو العاملين في المنزل أو ما شابه، بل لدوافع تذكيرية بحتة محضة، بعد أن مللت من البحث عن أشيائي المتناثرة في أرجاء البيت.
فهنا نصف ساعة مهدرة بحثاً عن مفتاح السيارة، ومعها نصف ساعة أخرى بحثاً عن محفظة نقودي، ونحو ساعتين تبخرتا من وقتي بحثاً عن نظارتي الشمسية، وساعة ونصف الساعة بحثاً عن كذا، وأربعون دقيقة بحثاً عن كذا…
ولو كان منزلي “مدججاً” بالكاميرات، ما ضاع وقتي هذا كله “سدىً منثوراً”، وما ضربت فخذي خمس مرات معاً، حسرة وقهراً، وما فرطت في زفراتي غضباً، وما ضاعت مني حاجياتي فأضطر لشراء غيرها، لأعثر على المفقودات لاحقاً، بالمصادفة.
ومن باب أَحب لأخيك ما تحب لنفسك، سأنصح جامعة الدول العربية، بتركيب كاميرات في مقرها، ومقرات لجانها، كي لا تنسى على أي رف وضعت العرب آخر مرة، أو أين سقطت الشعوب من جيبها، أثناء تفرغها لإرضاء القيادات، والتأنق أمام الكاميرات، وصياغة البيانات.
ولا مانع أيضاً من شراء كاميرات وتغليفها وإرسالها كهدايا إلى الحكومات العربية، والبرلمانات العربية، ولجان حقوق الإنسان العربية… حفاظاً على أفخاذها من الضرب حسرة وقهراً، كلما حاولت أن تتذكر آخر لحظة شاهدت فيها شعوبها قبل أن تفقدها.
وكاميرات أخرى، هدية إلى غالبية وسائل الإعلام العربية، لتساعدها على التذكر أين سقط منها الصدق، واحترام الذات، واحترام المتلقي… وكاميرات أخرى، هدايا لبعض العربان، لتساعدهم على البحث عن كراماتهم، التي سقطت منهم أثناء تسابقهم على الركض أمام المسؤولين لكسب ودهم.
على أن بعض الأشياء، التي سقطت أو فُقدت، لا يمكن شراء بديلها.