الأخبار التي تتواتر عن إنزال روسيا لمعدات عسكرية متطورة ومعها تجهيزات لإسكان ما لا يقل عن ألف خبير روسي فيما يبدو أنها ستقوم على بناء قاعدة جوية، جاءت صاعقة لأميركا ما جعل السيد جون كيري يهرع للاتصال بنظيره وزير الخارجية الروسي لافروف، الذي لم ينف او يؤكد نوايا التدخل الروسي العسكري في سورية ولكنه قال ان المعدات والأسلحة هي حصيلة صفقات تمت قبل سنوات وشحنت وستشحن لسورية.
وهذه الأخبار واضح انها أزعجت كل خصوم النظام السوري.. وهذا ما لا اراه مبررا بالنظر لنشاط روسيا الدولي في السنوات الأخيرة.. فهي تعمل بجد واجتهاد لزيادة حلفائها: مصر، الصين، الخليج بل انظر لتقاربها اللافت من باكستان رغم العداوة التاريخية معها منذ التدخل السوفييتي في افغانستان الا ان روسيا تتقارب منها اليوم..! وهذا التدخل في سورية لن يكون لإغضاب الخليج وانما اجزم بأنه سيكون لإرضائهم.. وهنا مكمن اللغز الذي سأحاول الإجابة عنه.
والحقيقة ان اميركا فشلت فشلا ذريعا في محاربة «داعش» والقوى الإرهابية الأخرى من نصرة وكل الفصائل التي اتبعت مسماها بالشام.. وهي فصائل تعلن نواياها العدوانية تجاه دول مجلس التعاون ومازالت تحظى بدعم اميركا او على الأقل بغض الطرف عنها وعن تنامي قوتها.. بل اننا رأينا دخول تركيا على الخط لإنقاذ «داعش» وبموافقة اميركية لضرب القوى الكردية التي حجمت «داعش» الى ان وصلت الى عاصمتها الرقة وبدأت بحصارها تمهيدا لتخليصها من الدواعش، فجاء تدخل تركيا فقضى على القوى الكردية وعلى كل ما يشكل خطرا على «داعش»، التي تستعملها اميركا كفزاعة للخليج، لذلك قالت انها تحتاج لثلاث سنوات للقضاء عليها ولكن «داعش» تمدد وتوسع بالرغم من القصف الأميركي، وبعدها قالت اميركا انها تحتاج لسنوات كثيرة للقضاء عليه وتحتاج جيوش الحلفاء (عرب اتراك لم يحدد السيد كيري) للتواجد على الأرض السورية لمساعدتها في الحرب على «داعش»..؟!
وإزاء تلك «المسخرة» الاميركية جاء التدخل الروسي ليكشف اميركا ويجردها حتى من ورقة التوت التي تغطي عورتها الخيانية لحلفائها، وكذبها فيما يسمى بالحرب على الإرهاب في سورية والعراق وليبيا وهي الداعم الاول له.. لذلك فإنني اقول ان روسيا ستأتي لسورية وتقضي على ارهاب «داعش» واخواته خلال اسابيع وليس شهور او سنين.. وتقوي النظام السوري وبعدها ستحل مشكلة سورية والعراق ومعاناتهما من الارهاب وسترضي النظام السوري ليقدم تنازلات ترضى بها دول الخليج، ليبدأ تحالفا مبنيا على أساس راسخ من الاحترام المتبادل ومصالح اطرفه، إيذانا بإنهاء التحالف التاريخي بين العرب واميركا الذي بناه القادة العظام في اميركا ابتداء من روزفلت وانتهاء ببوش وسحقته ادارة السيد أوباما.. التي باعت أميركا ومصالحها الاستراتيجية وطنا وشعبا لإرضاء المحفل الماسوني.. وكل هذا لن يكون عبر المفاجأة بل بالتنسيق مع قيادات الخليج وليس خافيا على احد ان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سيزور موسكو قريبا، وانني على ثقة بأن خادم الحرمين سيسمع من الروس ما يرضيه، فالمتابع للتحركات الروسية يقرأ فيها تأهبا واستعدادات خاصة لتوجيه مجموعة من الصفعات لأميركا، منها ضرب مصداقيتها في مقتل من خلال الإثبات للعالم ان القضاء على «داعش» وجميع قوى الارهاب في سورية عملية ممكنة وسهلة بخلاف ما قالته أميركا.. لتثبت روسيا من خلال هذه العملية أنها الأقدر والأصدق على إنهاء معاناة الشعب السوري من الإرهاب.
وإنهاء التهديد الذي ازعج الخليج، وإنهاء معاناة أوروبا من قوافل المهاجرين، ولن أستبعد أن تنتقل روسيا بعدها إلى ليبيا للقضاء على الإرهاب هناك، لتعانق سمعة روسيا الآفاق وتسقط سمعة خصمها التقليدي في الحضيض، وفي الوقت ذاته تكون روسيا قدمت اكبر خدمة للعالم والإنسانية التي تجرعت الأمرين من الإرهاب والإرهابيين.. لذلك فإنني أدعو الجميع للصبر وقبول العروض التي سيقدمها الرئيس بوتن والعمل على التناغم معها لتحقيق الأهداف المشروعة المشتركة، فهل من مدكر..؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح