بيان القوى الإسلامية عن خلية العبدلي سيئ ومتشنج ومتعال، وينضح بنفس طائفي منفر، ويتطابق البيان مع الخطاب السلطوي المتغطرس في مفرداته العامة. فمن جهة، مثلاً عبارة “لمن تسول له نفسه” اعتدنا على سماعها من وزارة الداخلية أو من السلطة بوجه عام، عند أي هزة أمنية أياً كان حجمها تتعرض لها الدولة وتكون مناسبة إشارة جلية لقمع قادم، لكن ليس من المقبول أن تتبناها جماعات يفترض أنها تشكل جزءاً أصيلاً من المجتمع المدني، وتعارض الخطاب السلطوي المهيمن، ومالت إلى صف المعارضة بعد مرسوم الصوت الواحد، ما لم تكن هذه القوى تسلطية بطبيعتها، ترفض الآخر، وتنفيه تماماً وترفض الاحتكام لحكم العقل، وتتبنى الخطاب الشعبوي المثير لمشاعر عاطفية جانحة في مقتها للآخر المختلف.
ومن جهة أخرى، لم يكن هناك معنى لأن يطالب الموقعون على البيان بـ”الإسراع بالمحاكمات… وتنفيذ الأحكام فور صدورها… فتبني مثل ذلك الطرح لن يكون إلا على حساب العدالة والانتقاص من حقوق الإنسان وحقوق المتهمين في محاكمات عادلة.
كان أولى بالحركة الدستورية كممثل لحركة الإخوان المسلمين، أن تتعقل وتفكر مرتين قبل أن تحشر مع بقية القوى الموقعة على البيان السيئ، فهذه (الحركة) أجهدت نفسها، منذ زمن طويل، في إظهار ذاتها كحركة إسلامية معتدلة تتبنى الحوار الهادئ وترفض الطرح المتطرف اللاعقلاني الذي هو قوام الجماعات الأخرى، والذي لا يختلف في جوهره عن الفكر المرعب للجماعات الإرهابية التي تضج بها المنطقة العربية، وهي الوجه الآخر لعملة الأنظمة الدكتاتورية التي ساهمت بنهجها القمعي بخلق مثل تلك الجماعات.
هنا أحاول أن أجد الفارق بين “حدس الاعتدال” وحدس السلطة القمعية في خطابها السياسي في ذلك البيان فلا أجده، فقد غاب تماماً! فهل فكرت “حدس” أو جماعة “الإخوان”، وهم الذين كانوا ضحايا الثورة المضادة للربيع العربي قبل أن ينزلقوا في البصم على مثل ذلك البيان؟
الغريب، كما لاحظ النائب راكان النصف بوعي أصيل، أنه في الوقت الذي تعترض فيه تلك القوى الإسلامية، بصفة عامة، على الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون، لما فيها من أخطار محتملة على الضمانات الدستورية القليلة المتبقية في الكويت، نجدها تطالب بـ “كونفدرالية” خليجية، من دون أن توضح مفهومها لتلك الكونفدرالية المطلوبة، فأصبح مثلها كالمستجير من الرمضاء بالنار..! بيانكم سيئ ومعيب، وينخر في وحدة الجسد الكويتي، ليتكم مارستم الصمت.