التحركات الإنسانية، التي يشهدها الجانب الأوروبي، لاستقبال واستضافة اللاجئين السوريين الهاربين من الموت، أكدت حال أنظمتنا العربية ومجتمعاتنا تجاه بعضها بعضاً، المحصورة في قالب «المتفرج النائم»، التي لطالما كانت ـ هذه الأنظمة ـ متسيدة له ومنتهجة نهجه، فالرابط العربي بين الشعوب العربية لم يعد فتاتاً، بل في مرحلة «الكنس»، للأسف الشديد.
المحزن في موضوع هجرة اللاجئين، أنهم على استعداد أن يسلكوا طرق الرعب والموت، وأن يرهنوا حياتهم للبحار والمحيطات، للوصول إلى دول أوروبا، بدلاً من أن يسلكوا طرقاً آمنة وأقل وعورة تأخذهم إلى الدول العربية، سواء المحيطة بهم، أو الدول الخليجية، فهم على يقين تام بأن خلف طرق الموت، المؤدية إلى الساحل الأوروبي، حياة وإنسانية وتقديرا على الأقل، على عكس الجحيم الذي سيلقونه في الدول العربية.
فلو لاحظنا، مثلاً، سياسة النمسا، وتعاملها مع اللاجئين، لوجدنا اتباعها لسياسة إدماج كل مَن يلجأ إليها من الخارج إلى داخل مجتمعها ومنظومتها تحت راية المساواة والعدالة الاجتماعية، فيكون للاجئ حقوق، وعليه واجبات، وتكون نهاية الرحلة عند محطة التجنيس، وبهذا فقط تتحسَّر قلوبنا على المهاجرين الفلسطينيين، الذين سكنوا المخيمات المعزولة في الدول العربية، وعاشوا داخل أسوار بعضها نحو خمسين عاماً، وإلى الآن يُعاملون بصورة عنصرية ومقززة، وكذلك البدون في الدول الخليجية «الغنية»، التي لا يعترف بهم، ولا يحملون أي إثبات لوجودهم، وهم أبناء أوطانهم.
وقد يخالج المواطن العربي شعور بالخزي والخذلان تجاه إخوانه العرب المهاجرين، لعلمه أن مناخ دول الوطن العربي غير صحية لاستقبال هؤلاء من ناحية الحقوق والتعامل الإنساني، إلا أن ما يجب علينا، هو أن ندعم الرابط العربي بيننا، ونتحرك كشعب عربي، ونطالب أنظمتنا وحكوماتنا بأن تفيق من غيبوبتها، وتخرج عن صمتها، وتفتح أبوابها لاستقبال هؤلاء المهاجرين، مع ضمان حقهم في العيش الإنساني، وإعطائهم الحقوق والواجبات، فلم يبقَ في الوجه ماء إلا ما ندر، فلنحافظ عليه.