لدينا الكثير من المجاميع التي تعاني من ازماتها الخاصة. وعدم توافقها المنشود مع الوضع او حتى الظروف الحالية. لقد تغير بشكل جزئي اتجاه النظام والسلطة في الكويت. لكن رغم محدودية وبساطة التغيير، فإنه تسبب في خلق ازمات ووضع الكثيرين في حالة حيرة وارتباك لا يحسدون عليه. وأهم من فقد البوصلة او «تَيتّم» قبل سنوات، او بالتحديد بعد مرض المرحوم الشيخ سعد، هو المجاميع القبلية والدينية، التي كانت ذراع النظام وادواته القمعية في يوم من الايام، او تحديدا منذ منتصف السبعينات وحتى وقت قريب. ثم اصبحت بعد ذلك طرفا «معارضا» ومتناقضا وخط وسياسات النظام.
الدينيون، السلف والتلف. كانوا الطفل المدلل للانظمة المحافظة، والمخلب الذي تروض به هذه الانظمة بقية القوى والاتجاهات الاجتماعية والسياسية. وكانت «صحوتهم» الدينية اداة تخدير للقوى الاجتماعية العفوية، واداة قمع وترهيب لبقية المجاميع السياسية «ربعنا مع الاسف»، التي كانت خارج الاطار المحافظ للانظمة العربية التقليدية. لكن اقليميا تغير الامر بعد احتلال دولة الكويت ومعارضة او فقدان المجاميع الدينية لقوتها واهميتها، بسبب موقفها المعارض او المتردد تجاه عملية تحرير الكويت، ثم فقدانها التغطية الدولية بعد احداث 9/11، ثم انحسار الاحتضان «الامبريالي» بعد انتهاء الحرب الباردة.
فقدت المجاميع الدينية قوتها وسطوتها، وبالذات الاخوان المسلمون الذين تم توجيه الضربات المتكررة لهم، سواء في دول ما سمي بالربيع العربي، او في مصر والسعودية والامارات، والى حد ما في الكويت. من هنا تم اختراع «الخطر الايراني» او التحفيز الطائفي لإبقاء شعلة «الصحوة» متقدة، ولإنقاذ التيار الديني الذي خبت جذوته.
ما يجري حاليا من نفخ في الخطر الطائفي، وتعظيم الخلافات السياسية والحدودية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، الهدف منه هو إيقاظ الصحوة الدينية، التي خمدت، وتوفير ملاعب واداوت جديدة تسهل للمجاميع الدينية عودة سيطرتها على الطيبين والعفويين من الناس، ومواصلة ارهابها على ذوي القلوب الضعيفة من «ربعنا».