الحملة المسعورة التي تُشن بعنف هذه الايام على المواطنين الشيعة، وعلى جمهورية ايران الإسلامية، مصدرها الأساسي المتدينون الإرهابيون من السلف والتلف. السلف بحكم عقيدتهم ـــ التيار المسيّس منهم ـــ والتلف («الإخوان»)، بحكم المأزق المتمثل في الحصار الشعبي الذي يواجهونه. ومع هؤلاء تأتي بشكل اقل عنفا وتأثيرا فلول جماعة الحراك، التي وجدت في التهجم على متهمي خلية العبدلي فرصة لتبرئتها او تخفيف التهم عنها.
اي ان جميع هذه الفئات تنطلق من ازماتها الذاتية وتستجيب لظروفها ودوافعها الخاصة. ضاربة في الواقع عرض الحائط بالمصلحة الوطنية والأمن الوطني التي تدعي الحفاظ عليه.
قديماً، كانت اسرائيل المصاصة «اللهاية» التي يستخدمونها لالهائنا عن اوضاعنا المأساوية، وأداة يكفي التلويح بخطرها المزعوم لوأد كل تمرد او حتى تطلع الى التقدم والتطور الاجتماعي. الآن، عندما اصبحت اسرائيل واقعاً قائماً معترفاً به من قبل الفصائل الفلسطينية، ومرحباً به من قبل بقية الانظمة العربية الاسلامية، وجد البعض في ايران بديلاً يستخدمونه لالهائنا تارة، ولتخويفنا تارة أخرى. الانظمة العربية الرجعية والمتخلفة «اخترعت» قضية فلسطين او كذبة تحرير فلسطين، او فلسطين أولا. قبل التنمية وقبل التقدم وتحقيق الوحدة كان ضروريا اخذ الثأر وهزيمة اليهود. ومرت حتى الآن ستة عقود وأحد لم يهزم اليهود، بل هم أصبحوا حقيقة واقعة تقبلها البعض ولو بمرارة. لهذا يتم التلويح هذه الايام بإيران. واستخدامها لتبرير استمرار القمع الرجعي الرسمي للانظمة العربية ولمجاميع التخلّف الديني والاجتماعي التي ربطت نفسها مع الانظمة وتحالفت معها في الحفاظ على الاوضاع الحالية واستمرار القمع والتجهيل الاجتماعي، والسياسي للشعوب. وفي النهاية تعطيل التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فـــ «الامن»، كما زعم داعية الحملة «الاخوانية» الحالية على ايران يوم الثلاثاء الماضي «الأمن أهم من الديموقراطية».
نحن نقول لــ «الإخوان» ولمجاميع التخلّف، ولما يسمى القوى الوطنية، سواء تلك الصامتة والمرتعبة من المد الرجعي، او تلك التي أضفت عليه التقدمية والوطنية.. نقول الديموقراطية اولاً وثانياً وثالثاًً.. وعاشراً.. والعدو في الداخل. الخطر الاكبر والخطر الاقرب والخطر المؤكد ايضا هو في الداخل، ومن الداخل. أحد لم يغزُ ليبيا، وأحد لم يغزُ اليمن، وأحد لم يغزُ سوريا.. لهذا أيها الناس تمعنوا، واتعظوا.
لا فُض فوك، سلمت يا ابن الكويت الأصيل، الدخلاء كثروا في هذا الوطن ولغة المصلحة المادية طاغية والعقول غيبت، ماذا تفعل بمن ملأ الحقد الأسود قلبه وعقله فلا يرى الا الشر حياة له؟