لا يكفي أن تقدم دول الخليج الأموال لمساعدة اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، فهذه الأريحية المالية نحو أكبر أزمة إنسانية في هذا القرن لن تظهر الوجه الإنساني لدول وشعوب الخليج نحو إخوانهم السوريين، وإذا كانت صورة الطفل عيلان (أو إيلان) الكردي ميتاً على الشواطئ التركية بعد محاولة أسرته العبور نحو اليونان، وقبلها كانت صورة الشاحنة بالنمسا التي تكدست فيها جثث السوريين وقد ماتوا اختناقاً قد هزتا الضمير الإنساني في أوروبا، وفرضت ضغوط القوى التقدمية من صحافة وجماعات حقوق الإنسان على رئيس الوزراء البريطاني تعديل موقفه لاستقبال “آلاف المهاجرين”، بعد أن وصفهم سابقاً بأسراب كبيرة لا يمكن استيعابهم، بينما لم تتردد، قبل ذلك، المستشارة الألمانية ميركل عن إعلان استعداد الدولة الألمانية لاستقبال مليون لاجئ، ما أظهر الوجه الإنساني الكبير للدولة الألمانية، رغم ضغوط جماعات اليمين هناك ضد استقبال اللاجئين، فإنه من باب أولى أن تظهر دولنا الخليجية “العربية المسلمة” روح المشاركة في تخفيف بعض المعاناة عن أشقائهم السوريين.
هناك وجه آخر يفترض أن يلزم دول الخليج بتحمّل بعض من معاناة السوريين، فبقدر المساعدات المالية والعينية التي قدمتها حكومات المنطقة و”أهل الخير” من شعوبها للسوريين، فأيضاً على الوجه الآخر للعملة هناك قدر كبير من تلك “المساعدات” المالية وبذل الروح قد ضخ الدماء لقوى الإرهاب في سورية، فأموال كثيرة وشباب فصل الرؤوس عن الأجساد وجماعات السادية الدموية كما تمثلها عصابة الدولة الإسلامية تم تصدير تلك الأموال والجزارين للمقاومة السورية، بحجة إنقاذ الشعب السوري من وحشية نظام الأسد وبراميله المرعبة، ليجد السوريون أنفسهم آخر الأمر بين سندان البراميل المتفجرة ومطرقة سكاكين “داعش”، وهنا لا يجوز أن ننكر الدور الخليجي في زيادة المعاناة للشعب السوري، وهو يتحمل مسؤولية تلك المأساة مثله مثل إيران وحزب الله والدول التي ساندت نظام الأسد، لا فرق بين الاثنين، فأيدي الجميع ملطخة بدماء السوريين حين تركت سورية لتكون بلاد حرب بالوكالة عن الغير، وتصبح متنفساً للكراهية الطائفية.
القضية الأمنية التي هي هاجسنا في الكويت، وأيضاً (ربما) في بقية دول الخليج في استضافة اللاجئين لا يصح أن تكون عذراً، فبعض من التضحية والجهد لضبط الأمر الأمني يمكن أن يغلق أي فراغات أمنية محتملة، المهم الآن أن تقوم دولنا بواجبها نحو “الأشقاء” العرب المسلمين في سورية، بعد أن تحركت بلاد “الكفار” الأوروبية وسبقتنا كثيراً في أداء الواجب الإنساني نحو اللاجئين.