منذ التحرير نشط الارهاب والارهابيون في الكويت بشكل اكثر من ملحوظ. وكان الارهاب اطلاق نار وتفجيرات، التعرّض للمؤسسات المدنية واستهداف المواطنين والمقيمين الابرياء الى جانب الوافدين الغربيين ثم الجنود الاميركيين. الى جانب هذا الارهاب العسكري كان هناك ما يوازيه ولا يقل عنه خطورة من الارهاب العقائدي الذي تمثّل في فرض وصاية القلة على مجمل الناس، في اللباس وفي المناسبات والحفلات. وتجرأ الارهابيون حتى على العيد الوطني واحتفالاته، فنجحوا في منعها والحد منها، بدعاوى احترام مشاعر اهل الاسرى والشهداء!
تم اطلاق النار مرات عديدة على كلية الطب وعلى منزل عميدها، وعلى اكثر من «سيرك». كما تم التعرض للفنان عبد الحسين عبد الرضا واطلاق النار مرات على معرضه الفني. اطلق النار مرات على الوافدين الباكستانيين من الشيعة، وجُرح بعضهم. ثم انتقل الامر الى «السيك»، فقتل وافد من طائفة السيك وجرح آخر. وانتقل الامر بعدها الى اطلاق النار على الحسينيات من دون اصابات. المهم ان الكويت تعرّضت الى عشرات وعشرات العمليات الارهابية بين اطلاق نار وتفجير. لكن وبشكل غريب ومثير للانتباه فان الاجهزة الامنية لم تتمكن من القبض على احد او توجيه الاتهام لاي جهة. وكانت الحياة تسير بشكل «طبيعي» وهادئ. ونواب مجالس الامة في ذلك الوقت كانوا «يتشاغلون»، بعضهم بمناكفة الحكومة والبعض الآخر بمزاعم حماية المال العام.
حتى عندما تحركت الاجهزة الامنية وألقت القبض (بعد سنوات وبعد عشرات وعشرات العمليات الارهابية) على جماعة «الجلد الصحراوي» في اول تصدٍّ للارهاب والارهابيين، «ثار» اعضاء مجلس الامة.. ليس على الارهاب والارهابيين.. ولكن على السلطة وطالبوها بالترفق بالارهابيين وعدم ايذائهم. وتمادى خمسة عشر نائبا «اسلاميا» والتقوا رئيس مجلس الوزراء مطالبينه، او بالاحرى مهددينه، بصون حقوق المقبوض عليهم القانونية والدستورية.
هذا كان من المفروض ان يكون تاريخا منسيا. لكن اضطررت الى استرجاعه، لان بعضا من النواب الخمسة عشر ممن طالبوا بالترفق بفلول القاعدة قبل سنوات، هم شخصيا اليوم من قادوا الحملة الشعواء ضد المتهمين بحيازة اسلحة المطلاع. كان المفروض ان يكون هذا نسيا منسيا. فلا فائدة ولا رجاء من اثارته. لكن يجب كبح جماح العصبية والنتانة الطائفية التي زادت على الحد. ويجب فضح دجل الزعامات الدينية لما يسمى الحراك واتباعه، خصوصا ان من قبض عليهم، متهمون ـــ حتى الآن ـــ بحيازة سلاح غير مرخّص، وليس قتلا وترويعا للآمنين، كما كان في التسعينات. أعلم ويعلم الجميع ان المسألة الحقيقية ليست تخزين سلاح او ذخيرة. فكمية الاسلحة والمتفجرات تشير الى عكس ذلك. لكن حتى الآن هذا هو الجانب القانوني في الامر. والمتهمون قد يكون لديهم نوايا ولا شك. لكن لا احد يملك ان يحاسب الاخر على النية. خصوصا ان السلاح قد يكون تم تخزينه في وقت سابق وفي ظروف غير هذه الظروف. بل قد أتمادى قليلا وأجد لهم عذرا في تخزين هذا السلاح. فالنوايا التي اظهرها البعض للطائفة الشيعية قد تجعل مثل هذا «الفعل» مقبولا ومشروعا.
ربما كان «حزب الله» متهما حقيقيا في الامر. ولدي قناعة شخصية بذلك. لكن قناعات الحزب وقائده قد تكون تغيّرت، وهي بالفعل تغيرت، تجاه الكويت. فاللفتة الانسانية والابوية لصاحب السمو تجاه حدث مسجد الصادق والتعامل الوطني لحكومته مع الامر، لا شك كان وسيكون لهما اثر واضح مستقبلا في سلوك ونوايا الاخرين ـــ بمن فيهم حزب الله ـــ تجاه الكويت. لذا فان حزب الله يجب ان يحاكم او يحاسب على موقفه واعماله الحالية وليس على مواقفه قبل سنوات، خصوصا ان من تولى التحريض الحالي ضد الحزب هم من وقفوا يمجدون في ساحة الارادة به وبمبادئه، بحيث من السهل القول انهم شركاء في جرائم الحزب في الكويت، مثلما هم اصروا على ان يكونوا شركاء له خارجها.