يحزن الإنسان منا لكثرة ما يشاهد ويعايش ويسمع عن سلوكيات وتصرفات غير مقبولة، تحدث من أفراد كُثر في المجتمع.. فهذا الموظف يتأخّر عن دوامه، وإذا حضر لم ينجز شيئاً يذكر! ومظهر اعتيادي أن تتعطل مصالح الناس ومعاملاتهم التي تحت يده، بل يتم رد المراجعين في الساعة الثانية عشرة ظهرا، رغم أن نهاية الدوام الثانية ظهرا! وآخرون ينصرفون مبكّرا، بلا شعور بالتقصير.
فهل تولّد ذلك لغياب السلطة، أم خلل في السلوك الحضاري؟!
وذاك الطالب حصل على نسبة الثانوية العامة بالمحسوبية، أو لأن أحد والديه، أو كليهما يذاكر نيابة عنه، لذا فهو لا يحسن تعبئة طلب الالتحاق بالجامعة، ولغته ركيكة، وليست لديه ثقة بنفسه، بل ويلجأ الى الغش للنجاح، ويغيب عن المحاضرات، ويشتري أبحاثاً جاهزة!
فهل تولّد ذلك لغياب ردع السلطة، أم خلل في السلوك الحضاري؟!
والحكومة تكثر اجتماعاتها، ولجانها المتخصصة لا تتوقف، ولا تشاهد أو تسمع غير تصريحات وتعيينات وتوقّعات ومشاريع، ثم تكتشف أنها لتبرير صرف بنود الميزانية الضخمة، وتحاول أن تبحث عما تحقق فلا تجد غير السراب، والبلد يتردى، وأغلب وزارت ومؤسسات الدولة تعيش الفوضى، فالإدارة غائبة، أو وجودها والعدم واحد! خسائر متلاحقة وسرقات متتالية، والوضع يتفاقم!
فهل تولّد ذلك لغياب ردع السلطة، أم خلل في السلوك الحضاري؟!
المدرس، وأستاذ الجامعة، والمهندس، والطبيب لا يشغلهم أداء عملهم والإجادة فيه، بل بعضهم «ضمَّن» أعمال مهنته لمن يقوم عنه بها، بالوكالة، فتحضير المدرس «هزيل»، وحرصه عى التعليم منعدم، ويشجع الطلبة على الغياب!
وأستاذ الجامعة عمله خارجها أكثر من داخلها، تمر عليه سنوات طويلة ولم يُجر. بحثا ولم يقدم دراسة، متساهل في الدرجات، ليغطي ضعف قدرته على التعليم! والمهندس يهرب من موقع العمل الميداني ليجلس خلف المكتب، ويتستر على مخالفات ويرخّ.صها، وعند أداء مأمورية خبرة يكتب لمن يدفع أكثر! والطبيب يرى نفسه موظفا بساعات عمل محددة، لا كونه صاحب مهنة إنسانية، الثراء السريع والجشع أعمياه، فيرتب رؤية مرضاه بعيادته الخاصة، وهو بالمستشفى الحكومي، لقاؤه بمرضاه سطحي وسريع، المهم عنده أن يقابل 40 مريضا في أربع ساعات، وهي لا تكفي سوى لـ 8 مرضى!
المواطن لا يلتزم بأنظمة المرور والسير، يخرج الى البحر للصيد من دون تراخيص، ويلقي فيه مخلّفات مؤلمة، ويرتاد البر ويتركه ممتلئاً بالمخلفات المضرة بالبيئة، ويبني منزله أو يعليه من دون ترخيص أو بمخالفات صارخة، ويتجاوز حقوق الآخرين ببعثة لا يستحقها، أو بعلاج خارجي سياحي، أو يعيّن في منصب بلا مؤهلات بطريقة عير مشروعة، ويقبض مرتبه وهو في بيته، ومن دون أداء مهام وظيفته!
فهل تولّد ذلك لغياب ردع السلطة، أم خلل في السلوك الحضاري؟!
أعتقد الاثنين معاً؛ غيابَ ردع السلطة وخللاً في السلوك!!