بقايا تنظيم الاخوان المسلمين، وبعض من نواب الأغلبية المبطلة وقسم ممن لا يزال يقتفي أثر النائب مسلم البراك تمكنوا أخيراً من اصطياد السيد رئيس مجلس الأمة بامتياز. فهم قادوا بشراسة هجوما على الرئيس الغانم وعلى مجلس «الصوت الواحد» مطالبينهم بالقوة بإدانة ما أسموه في تغريادتهم احتلال إيران لحقل الدرة. ومع الأسف خضع الرئيس مرزوق الغانم لتفاهات بقايا الحراك والإخوان، وصرح مطالباً الحكومة بتوضيح الأمر ووضع الحقائق أمام الشعب!
طبعاً لا نلوم الرئيس الغانم، فالحملة كانت شرسة، وكانت «وطنية» و«مخلصة». انضم اليها وشارك بها العديد من المغردين حَسني النية، وتولوا مع فلول المعارضة جلد المجلس ورئيسه.
لقد حقق المجلس الحالي، رغم خلوه من الساسة والمحترفين البرلمانيين، حقق انجازات كثيرة. بعضها عجزت عنها المجالس السابقة. وقد كان مفترضا في المجلس ورئيسه ان يستمرا هنا في مواصلة المسار الوطني المعتدل، ويحترما مبدأ فصل السلطات، وهو المبدأ الدستوري الاساسي الذي تعيّشت على القفز عليه معارضات المجالس السابقة.
ليس من اختصاص مجلس الامة ما حدث. لا تشريعا ولا مراقبة. فالملاحظ هنا ان مجالس الامة السابقة وضعت كل اهتمامها بمراقبة اداء الحكومة وسياساتها. لدرجة انها فشلت بشكل ملحوظ في التشريع. وجعلت الرقابة «المسبقة» همها الاساس، خصوصا في ما يتعلق بمزاعم المال العام، بحيث تعطلت التنمية وتوقف تنفيذ المشاريع، لان المعارضين لها كانوا يدعون مسبقا وجود سرقة او على الاقل شبهة تعدٍّ على المال فيها.
ليس من اختصاص مجلس الامة النظر في امر المناقصة الايرانية للتنقيب في «حقل الدرة». اللهم إلا إن كان مجلسنا ايرانيا دون ان نعلم. فالحكومة تتولى الامر. وهي من اعلن نبأ استدعائها للممثل الايراني وتسليمه احتجاج دولة الكويت على النوايا الايرانية. لاحظوا هنا «نوايا». فما الذي من الممكن ان تقوم به الحكومة اكثر من ذلك. فحتى الآن ليس هناك إلا اعلان عن نية لاستئناف العمل في الحقل. وحكومتنا تدخلت «فورا» ولفتت نظر الجانب الايراني الى ان الاتفاقات بين البلدين تتطلب إخطار الكويت بهذه النية. هذا كل ما تستطيع عمله الحكومة في الوقت الحالي. ومجلس الامة إن جاز له أن يتدخل هنا فان هذا التدخل يجب ان يأتي بعد ان تفشل الحكومة في معالجة الامر او ان تكون فرطت في حقوق الكويت.
حتى الآن حكومتنا تقوم بواجبها بشكل جيد. وتتعامل مع الجانب الايراني بدبلوماسية راقية ومسؤولة وليس بانفعالات وتشنجات طائفية وعرقية. لهذا نعتقد انه ما كان على الرئيس الغانم ان يتدخل في الامر، وان يقع في مصيدة عنجهية التخلف العرقي والطائفي.