حمزة بن دلاج شاب جزائري من طراز روبن هود، ولكن على طريقته الخاصة، فقد اقتحم عالم المعلومات الرقمية بجنون حتى عرف بأشهر “هاكر” على وجه الأرض، وشخصية بن دلاج ليست خيالية كما هي الحال بالنسبة إلى روبن هود الذي نسج حقد الفقراء على الأغنياء عبر قصصه المشهورة كقاطع طريق لقوافل التجار، وسلب أموالهم وبضاعتهم لتوزيعها على المساكين والمعدمين، ولكن الفتى الجزائري حقيقة قائمة وإن كانت المعلومات التي تنسب إليه مبالغا فيها إلى حد كبير، لأن المطلوب هو تصفية الرجل العبقري وصاحب المخ الإلكتروني الفريد، حيث حكمت عليه إحدى المحاكم الأميركية بالإعدام!
حمزة “الهاكر” اخترق عشرات الآلاف من المواقع الإلكترونية والحسابات المصرفية، واتهم أنه سلب منها ما يقارب 4 مليارات دولار قام بتوزيعها على الجمعيات الإنسانية والخيرية حول العالم، ولم ينس القضية الفلسطينية التي طمست من أجندة الحكومات العربية، فكان لأطفال غزة المحاصرين وعوائل الشهداء حصة رئيسة من هذه الأموال، كما تفيد التهم المنسوبة إليه.
بن دلاج أيضاً اخترق أكثر المواقع السرية المحصنة في العالم، خصوصا الأميركية والأوروبية والإسرائيلية، وتنقل عبر أكثر من 100 دولة في غضون ثلاث سنوات وبعدة جوازات سفر وأسماء مزورة، حتى اعتقل في تايلند، وتم ترحيله إلى الولايات المتحدة، ولكن أن يصدر بحقه حكمٌ بالموت وفي بلد يعارض أحكام الإعدام فهنا “مربط الفرس”!
إدوارد سنودن الأميركي الذي سرّب ملايين الوثائق السرية لوكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع والخارجية ما زال حراً طليقاً، وكذلك الحال بالنسبة إلى أخطر “هاكرز” على القائمة العالمية، إلا أن بن دلاج فقط يواجه الموت لأنه عربي ومسلم، ورفض بشكل قاطع التعامل لخدمة الدولة الصهيونية، ولأنه أذل الأميركيين وهو في قبضتهم برفضه أيضاً الإشراف على برامجهم التجسسية! لست أدافع عن الجرائم التي ارتكبها الشاب الجزائري عبر جهازين فقط، وهما الآيفون-4 والسامسونغ-1، والتي يرفض استخدامهما أطفال السادسة من العمر، ولكن بن دلاج يمثل حالة عربية عندما ينفجر المواطن بالمواهب الذكية، ويسبق زمانه ويتفوق على مؤسسات بلده ونظامه، فيجول الدنيا بحثاً عن ذاته، هذا الرجل الذي تستميت إسرائيل والولايات المتحدة لتجنيده وتسخير عبقريته لخدمة مصالحها.
فقد نشأ وترعرع في بيئة فقيرة وبلد عربي يتمزق كغيره بين سلطة طاغية وتيارات سياسية دينية أكثر طغياناً، وهو يعكس نموذجاً على أن العقل العربي المتميز تائه في مستنقعات التخلف والدمار، فقد كان بالإمكان أن يكون بن دلاج ستيف جوبز آخر تنتفع به الأمة، دعاؤنا أن يصمد الشاب الجزائري أمام المغريات والتهديدات الأميركية كما صرّح بابتسامته العريضة والساحرة!!