كل الحكاية لا تتجاوز روائح نتنة، وميكروبات، وأوبئة متكدسة في الشوارع. صحيح أنها قد تميت، وقد تجذب الأمراض المستعصية، لكن هذا من حقوق البلد على مواطنيه. من حقه أن يضحّوا بصحتهم وحياتهم من أجله، أو من أجل قياداته ومسؤوليه وقذاراتهم، وينتظروا إلى أن ينتهي التفاهم بين “كبار الجرذان” على نصيب كل منهم في مناقصة النفايات.
ويغضب اللبنانيون، ويتسابقون إلى ميادين الاحتجاج، فتبحث إيران لنفسها عن موطئ صيحة في التظاهرات، ويردد أتباعها المندسون شعارات طائفية خبيثة، في وقت موجع للغاية، ويستفزون رجال الأمن، فيرد عليهم العسكريون، فتشتعل الأرض، فتبتسم إيران.
يااااه يا لبنان، وعبق لبنان، وجماله، وأريحيته، ولوحاته الزاهية الألوان، وجباله التي تحتضن شواطئه اللؤلؤية… كيف تحول كل هذا إلى نفايات مكدسة ملوثة؟ يااااه يا لبنان، ماذا فعل بك أمراء الطوائف، وذوو اللحى والعمائم، وأجهزة المخابرات الأجنبية، والأموال السوداء؟ لماذا فعلوا بك كل هذا يا فتنة الشرق؟ لماذا قسوا عليك إلى هذه الدرجة؟
بالله عليك يا لبنان قل لي مَن الذي سيتحمل مسؤولية هذه النفايات إن كانت كل الأحزاب تشارك في التظاهرات؟ مَن سيتحمل المسؤولية من هذه الأحزاب، وكل حزب منها يصرخ ويشير بإصبع الاتهام إلى الحزب الآخر؟ قل لي، أو سأقول لك أنا مَن سيتحمل مسؤوليتها.
انحنِ قليلاً أيها الشامخ المكسور، لأهمس في أذنك: المسؤولية سيتحملها الشعب. الشعب فقط. فقل لأبنائك من الشعب أن يتظاهروا ضد أنفسهم بعد أن انقادوا خلف أمراء الحرب والمصالح ووكلاء المخابرات الأجنبية.