ثلاثة أمور لا تعلو عليها اي اهمية في هذا الوطن الجميل: مواطنوه، حدوده وثرواته البحرية والبرية.
كفاءات البشر وولاؤهم لهذه الارض في تناقص مستمر نتيجة السياسات الخاطئة.
حدود هذه الارض في خطر، ولكن سلطات الدولة مؤتمنة عليها.
أما ثرواتنا فقد أتلفنا البحرية منها، أو كدنا، ولم نحسن استغلال البرية بشكل أفضل حتى الآن.
يعتبر قطاع النفط مصدر الدخل الوحيد تقريبا للدولة. فبعد تصدير أول شحنة نفط عام 1946 تغيرت العلاقة جذريا بين الأمة والقيادة، نتيجة امتلاك الأخيرة حقوق الامتياز، التي تم التخلي عنها تاليا.
ما يعنينا هنا أن هذا المصدر المهم والحيوي أصبح كغيره من الأنشطة الكبيرة الأخرى، مصدر فساد كبير، منذ ان ترك الإنكليز والأميركيون هذا القطاع ليصبح تحت رحمة الإدارة الوطنية! وقصص الفساد التي أعرفها شخصيا، دع عنك التي يعرفها من هم اكثر التصاقا مني بشؤون وشجون شركات النفط وتفرعها، عديدة ولا تحصى. فمنذ عشرين عاما او اكثر لا تكاد تمر سنة من دون ان نسمع بانفجار في إحدى المصافي النفطية، أو في منشأة نفطية، ووقوع ضحايا أبرياء لا ذنب لهم، من مواطنين ومقيمين، هذا بخلاف خسائر بمئات الملايين نتيجة توقف الإنتاج وإصلاح الأعطال، والتي عادة ما تتحملها شركات التأمين المحلية والأجنبية.
بعد تكرار وقوع الأعطال والانفجارات في المنشآت النفطية، وبناء على طلب أحد كبار العاملين في مجال النفط، قامت شركة محلية قبل بضع سنوات بالاتصال بشركة أميركية عالمية، تعمل في مجال صيانة المنشآت النفطية، لتقوم بالتعاقد مع اللجان النفطية في الكويت للقيام بفحص كل إجراءات السلامة المتبعة في المنشآت النفطية، وتقديم توصيات بما يجب القيام به، لجعلها أكثر امانا واقل عطلا. وبعد قبول تقريرها والعمل بتوصياتها، وإجراء ما هو مطلوب من تعديلات وإضافات، تقوم الشركة الأميركية بإعادة الفحص الميداني ثانية، فإن وجدت الوضع مطابقا لما سبق أن طالبت به، تقوم حينها بمنح الجهة النفطية أو المصفاة، شهادة سلامة عالمية، وهي شهادة تعترف بها شركات التأمين، وتمنح المؤمن بموجبها خصما لا يقل عن %50 على القسط التأميني!
كما هو متوقع رفض الشخص المسؤول العرض المنطقي، الذي كان سيوفر على الدولة مئات الملايين، إن لم يكن مليارات الدولارات، لو طبق في حينه، ولا يزال هناك متسع من الوقت للعمل به.
يقول الصديق، الذي اخبرني بالقصة، ان الشخص المسؤول في الشركة النفطية المحلية، قال له حرفيا، بعد أن اعتذر عن قبول عرض الشركة الأميركية، ان الأعطال في المنشآت النفطية هي بعلم الغيب، وليس هناك من يستطيع توقع هذه الأعطال! وطبعا لا علاقة هناك بين علم الغيب وخصم الـ %50، وعليكم البحث عن سبب الرفض!