لم يكن مناسباً لأسعار السمك أن تستمر في الارتفاع بينما أسعار النفط إلى الحضيض، وحيث إن الحكومة والمجلس لا يعنيهما السمك ولا النفط، تحرك الشعب ليصلح حال السمك، ويبدو أنه نجح في ذلك، أما موضوع النفط فأمره أمر.
وها هي براميل النفط تتهاوى، كما كان متوقعاً، دون استعداد يذكر. وفي الوقت نفسه تستعد الأسواق النفطية لاستقبال إيران حالما يتم رفع العقوبات بشكل نهائي ما قد يعني مزيداً من الهبوط.
حالة العالم ومؤشراته الاقتصادية تنحدر إلى الأدنى “سقوطاً حراً”، أي بلا كوابح ولا ضوابط.
إلا أن الحكاية هيكلية جذرية، وليست في التفاصيل الفنية، فقد جاءت أزمة الاقتصاد العالمي في 2008 بسبب أزمة الرهن العقاري في أميركا، ولم يكن النفط موضوعها الأساسي، ولكنه أحد مؤشراتها.
الاقتصاد العالمي الراهن هش مخادع وأناني، يستند بالأساس إلى عدم التوازن والانفلات الحدي و”إدارة التوحش”، وبالضرورة فإنه يخلق موازين قوى من ذات النوع وذات الشكل، تؤدي على الدوام إلى حالة عدم استقرار في العالم. نحن موعودون بأزمات قادمة ستنعكس حتماً على الأوضاع السياسية والاجتماعية والعسكرية. ومن لا يدرك ذلك ولا يسعى إلى التعامل مع وضع متوقع سيدفع الثمن الأكبر.
دول الخليج ليست العنصر الأقوى في معادلة الاقتصاد العالمي، فهي مرتبطة به كتابع، مصدر دخلها يأتي من بيع سلعة واحدة ناضبة، وفوائضها تستثمر في الغرب بشكل أساس، وبالتالي فإنها واقعة في وسط تشابك لا فكاك منه، ومصيرها مرتبط بحالة العالم.
حالة الاقتصاد العالمي الركيكة ليست أمراً جديداً، ولكن الحالة الخليجية قد تكون الأكثر انكشافاً، والأكثر تعرضاً للانفلاش في وسط “لعنة الموارد”. في اللغة هناك فاعل ومفعول به، حيث يتضح أن حضورنا العربي والخليجي الفاعل ضعيف جداً في الساحة الدولية والتأثير على مجرياتها، فما بالك إن كانت التحركات فردية تقوم بها دول بشكل منفرد، ما يفرقها أكثر مما يجمعها، وإن كان الفاعلون متضررين فما بالك بالتابعين.
ربما تنتهي الأزمة الراهنة أو لا تنتهي، ولكنها جرس إنذار من الحجم الثقيل، فإن استمرت في الانحدار فسينعكس ذلك على متغيرات سياسية بعيدة الأثر.