هذا النص مقتبس من مقال السياسي البحريني ضياء الموسوي، الذي أميل لوصفه بـ«رجل الدين السابق»، بعد أن هجر العمامة إلى البدلة، وهي بعنوان «مدنية النظام الملكي «المطلق» وخراب الاحزاب الديموقراطي»، وكلمة المطلق من عندي.
يقول ضياء إنه كان يتصفح كتاب فولتير «رسالة في التسامح»، (هناك كتاب آخر يحمل العنوان نفسه ولكن للفيلسوف سبينوزا)، فقادته المصادفة للتعرف على كهل ومثقف عراقي، وبعد عبارات المجاملة، بادره الكهل، فور أن عرف أنه من البحرين، قائلا إن ما يطالب به أهل البحرين من إسقاط للنظام هو جنون محض، فلا يبدو أن أحدا اتعظ مما اصاب العراق وغيره من دمار وتخريب كامل. فالبحرين، ودول الخليج الأخرى، مقارنة بغيرها، تعيش بخير يحسدهم عليه الكثيرون. فلديكم الحياة سهلة، والمواد الاستهلاكية والكهرباء والمحروقات بتصرف الجميع تقريبا، والشوارع نظيفة نسبيا، ومجاريكم تعمل بكفاءة، ومجمعاتكم فارهة ومستشفياتكم عصرية، وجامعاتكم مفتوحة، وأمنكم مستتب، ولكن عليكم الحذر من أن تخدعكم الشعارات الدينية والقومية، فهي التي قادت العراق لوضعه البائس ولما هو فيه من خراب ودمار.
وقال: ليس هناك اليوم اكثر فقرا من شعب العراق، مع أن لديه احتياطيات نفط بمئات المليارات، فهل يتمنى شعب البحرين والخليج أن يصبحوا مثل أهل العراق؟
لقد اضاع الإيرانيون ومعهم الأميركان العراق، وساعدهم في ذلك الكثير من ساسته الفاسدين، فلا تستمعوا لأحد، فمصيركم لا يهم اي طرف كان، وعليكم تقبل الموجود وتطويره.
واستمر الكهل قائلا: لقد طلب منا، نحن الشيعة، مرجعنا الديني، في عشرينيات القرن الماضي، أن نقاطع الحكومة السنية، بحجة أنهم عملاء للإنكليز، وفعلنا ما طلبوا، فخسرنا الكثير منذ يومها، وتخلفنا عن باقي مكونات الشعب العراقي، فلا تستمعوا للفتاوى ولا تلتفتوا إلا للعقلاء منكم، وحكموا العقل في مواقفكم، فليس كل ما يقوله رجل الدين صحيحا. تعال إلى العراق وشاهد ما يحدث فيه خلال المناسبات الدينية وستجد العجب العجاب، فالجميع مشغول طوال العام تقريبا بهذا التأبين وذلك العزاء، دون نهاية، وهو ما لم نكن نعرفه في عز حزننا، فما ان تنتهي وفاة حتى تفاجئنا أخرى، وانشغلنا عن العالم أجمع، الذي يتحرك ويتقدم من حولنا، ونحن منذ 13 عاما، على الأقل، نيام، أو محلك سر! اللعنة عليك يا صدام.
ويختم الكهل كلامه، قبل ان ينهض منصرفا، قائلا: إن الشعوب الخليجية ستبكي غدا النعيم الذي كانت فيه، وخاصة نعمتي الصحة والأمان، إن فشلت في المحافظة على أوطانها، ولم تحكم العقل في تصرفاتها، ولم تضع أيديها بايدي قادتها، فإن خربت البلاد فلن ينفعهم حينها لا داعش ولا البغدادي ولا أميركا ولا إيران ولا اي مرجع ديني، او مرشد دنيوي.