يعد التمييز العنصري من اقبح اللوحات التي ترسمها ريشة بعض العقول البشرية التعيسة، حتى وإن كانت ملامحها غير واضحة أحيانا على وجه الساحة الاجتماعية بسبب تشريعات فرضتها الدولة المدنية، إلا أنه سريعا ما يظهر هذا الوجه القبيح في مواقف فوضوية تكشف قناع كل عنصري متكبر خاصة الذي لا يرى الناس بعين الإنسانية ولا يفقه بأن الإنسان نظير لأخيه الإنسان في الخلق، حتى إن البعض مازال يمارس هذه الصفة بكل وقاحة وفخر نتيجة محيط بيئي جاهلي.
التمييز العنصري لا يقتصر على احتقار اللون أو العرق أو الدين أو الفقر.. وغيرها من أمور نعرفها جميعا ولكنها تكمن في قبح الأفضلية التي مارسها الشيطان عندما تكبر ورفض أمر الله سبحانه، وأبى أن يسجد لآدم، تحت ذريعة أنه أفضل من آدم، بينما هذا التمييز تطور مع تطور الحياة في بعض الدول المدنية وتحديدا الدول العربية، على سبيل المثال دائما ما نرى الوظائف الحساسة والمناصب القيادية تورث لأبناء المسؤولين وكأنها ممتلكات خاصة ضاربين بكل معاني الحقوق المتمثلة في «الشخص المناسب في المكان المناسب» عرض الحائط، والقياس على ذلك واضح كالشمس في وضح النهار فقط بحاجة إلى أن تتابع عن كثب وتشاهد تلك الفوضى في عالمنا العربي. فعلا تلك المعاناة غير قابلة للقسمة وتعد خراب المجتمعات، وبعيدة كل البعد عن المفاهيم السامية في الأديان السماوية التي تدعو للسلام وللتواضع ومنح الحقوق والبعد عن الاحتقار والكبرياء، والله سبحانه قال: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» وحتى نكون منصفين استطاع الغرب محاربة هذا التمييز بنسبة كبيرة، أما في أوطاننا العربية ففي كل يوم تتزايد، حتى إن التواضع اصبح صفة لدى البعض غير مرغوب فيها وتفهم بمعنى الخوف والخضوع والذل! وهذا للأسف ما نشعر به أمام فلاسفة «الأنا» وعلى هذا الأساس نجد مفاهيم الاحترام والكراهية ظاهرة حسب مفهوم الشيطان لآدم.
التمييز في وقتنا الراهن هذا حاله.
من أنت حتى تكون في ذلك المنصب؟! من أنت حتى تأتي وتتجرأ لتطلب القرب مني؟! من أنت حتى أمنحك صوتي الانتخابي؟! من أنت حتى تجلس وتتبادل الحديث معي؟! من أنت حتى يكون لك رأي تقوله؟ من أنت؟!
«من أنت» هي إحدى بوابات الفساد في عالمنا العربي ولن نتغير حتى تتغير هذه المفاهيم العنصرية.