بعد سنوات دامية عانى فيها الشعب السوري ولازال من تحالف قوى الظلم والطغيان متمثلة في نظام بشار ومثلثه روسيا وإيران وحزب الله، ومع تشبث النظام في طهران بحكم بشار ودعمه بالمال والسلاح والعتاد والمرتزقة، أصبح الشعب السوري وكأنه يعيش وسط إيران، لتحلّ عليه لعنتها وتُذيقها مرارة حقدها العرقي والطائفي كما هو حال إخوانهم عرب الأحواز!
ومع استمرار آلة القتل واستفحالها دون الاكتراث بالمناشدات والمطالبات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والتعمد إلى استخدام أعنف وأفتك أسلحة الدمار الشامل والغازات السامة والبراميل المتفجرة في حق المدنيين العُزّل لتفتك بمئات الألوف منهم دون أي مراعاة منهم لأبسط مبادئ الأعراف الإنسانية، كل ذلك يحدث ولا زالت هناك أصوات نشاز تدّعي أن النظام في طهران يملك مقومات الدولة الحديثة العظمى، والتي تقوم على الحريات وبناء المؤسسات الحديثة المتقدمة وتسعى لبناء علاقات وطيدة مع جيرانها دون أي تدخلات في شؤونها ولاستعراض عضلاتها وأن الإتفاق النووي لن يكون عليهم إلا برداً وسلاماً!
هذا من ضمن ما أتحفتنا به كاتبتنا الأكاديمية التي فاحت مقالتها برائحة (الإجواء الكربلائية القُمّية) وحنين (وطرٍ مضى) ومجّدت من خلالها هذا النظام وكأنه حملٌ وديعٌ لم يقترف الجرائم والمجازر في حق عرب الأحواز ولا العرقيات الأخرى كالأكراد والبلوش وغيرهم من العرقيات المضطهدة لديهم، وكأنه أيضاً لم يُسهم في دعم النظام الدموي في دمشق ولم تدعمه بحرسها الثوري وتعطي أوامرها لأذنابها في حزب اللات للمشاركة في قتل الأبرياء من الشعب السوري!
وأستغرب كثيراً من توقيت نشر هذا المقال وكأن الأوضاع في الخليج مع إيران سمن على عسل وأننا لم نشهد في دولنا إثارة القلاقل والفتن من قبلها وتحريك خلاياها الإرهابية لزعزعة الأمن في دولنا، وآخرها ما حدث في الكويت قبل أيام وما يحدث من بلبلة في البحرين منذ سنوات حتى وقتنا الحاضر! ولاتزال هذه الكاتبة تُصرّ على مدح هذا النظام وكأن الوقت موائمٌ لامتداح دولة مارقة لم تُبدِ ولو لمرة واحدة نواياها الحسنة تجاه منطقتنا منذ اعتلاء ملاليها السلطة في طهران، وكان الأولى بهذه الكاتبة أن تستثمر هذه الحرية التي نعيشها في قطر بتناول حقوق الأعراق المضطهدة في إيران والعراق، وإن كنت أشك في أن هواها يتزامن مع هوى السلطة هناك!
وليتها تنظر إلى إيران من منظور حقيقي يُعبّر عنه مواطنوها الأحرار ممن تغص بهم عواصم دول العالم، والذين ناضلوا كل صور الاستبداد والظلم والطغيان، ومنهم على سبيل المثال السيدة مريم رجوي التي فقدت العديد من أهلها وعانت مرارة الغربة منذ اعتلاء الملالي سدة الحكم في إيران، وذلك بسبب موقفها الثابت والمعارض لتقييد الحريات والفساد واستفراد الولي الفقيه وحاشيته على مقدرات السلطة واستعباد الناس ونهب ثروات إيران وإرجاعها إلى حقبة الأكاسرة!
رجوي التي ترأس الآن المجلس الوطني للمقاومة في إيران والزعيمة السابقة لمنظمة مجاهدي خلق، قالت في إحدى خطبها الأخيرة: “إن نظام الملالي في طهران هو المسؤول عن خلق الإرهاب والأصولية باسم الإسلام، وعندما يُطاح بهذا النظام سيُطاح بالإرهاب”، ولها مقولتها المشهورة “إيران ديمقراطية وغير نووية بإسقاط ولاية الفقيه”!
فحقيقة ما تشهده المنطقة من فوضى وإرهاب ثَبُتَ جلياً بأن إيران وأذنابها كحزب الله والمليشيات الشيعية العراقية وعصابات بشار وخلاياها النائمة في الخليج لها دور كبير فيما يحدث من اضطرابات وقلاقل وانعدام للأمن في عدد من دول الخليج، ولعلّ ما يحدث في العراق من مظاهرات واعتصامات للشعب العراقي يُحمّل النظام الإيراني المسؤولية في تغلغل الفساد في مؤسساته التشريعية والقضائية والتنفيذية ولن يسترد عافيته إلا بفك ارتباط هيمنة إيران وأذنابها عليه والخروج بشكل نهائي من المشهد السياسي في العراق ومحاسبة أزلامه كالمالكي والأعرجي وغيرهم من رموز الفساد!
فاصلة أخيرة
نخشى أن تُسْتَنسَخَ حالة “دشتي الكويت” في دولنا ونشهد في الأيام القادمة “دشتيين إعلاميين” يدينون بالولاء لإيران ويطبلون لها ويتمترسون بقوانينا “الفضفاضة”، والتي عادة ما تُهين من يُخلص لها وترفع شأن من يُهينها!