نقيض الأمانة في اللغة: الخيانة. وعلى سبيل المثال، أن تقوم الدولة برعايتك من المهد إلى اللحد، وتعاملك في مرضك وزواجك و»طقوسك» الدينية على أساس «يا دهينة لا تنكتين»، وتمنحك «أحياناً» مزرعة، فالأمانة هنا، أن تزرع فيها «الطماط والبطاط».. أما الخيانة، فهي أن تزرع «كُره» وطنك، وتجني من ترابه: الأسلحة والمتفجرات.
وإذا كان للخيانة مرادفات، فابن العلقمي أحدها، فمن هذا الخائن؟
باختصار، هو وزير المستعصم، آخر الخلفاء العباسيين في بغداد.. كان أقرب الوزراء إليه لأربع عشرة سنة، ونتيجة لغفلة هذا الخليفة واعتماده عليه، استغل ابن العلقمي نفوذه وسيطرته، بأن أضعف الجيش، وقطع أرزاق أفراده، وبدأ بـ «التخابر» مع هولاكو التتار، ويغريه بدخول بغداد، ويكشف له ضعف الجيش والبلاد، ولم يكتفِ بهذا، بل نهى عامة المسلمين عن قتاله، وأقنع الخليفة بمصالحته و«تطميناته»، والنتيجة؟
النتيجة، كما يذكر ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية»، أن هولاكو وجيشه مالوا على بغداد، وقتلوا الخليفة وجميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، وقتلوا الخطباء والأئمة، وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد.
وسبب هذه الخيانة: الحقد الذي كان يكنه ابن العلقمي للمجتمع «البغدادي»، الذي أخذ الدين، كما جاء به «محمد» أكرم المرسلين.
***
عندما تكون «الخيانة» عنوان الحديث، فلا بد أن تُذكر أشهر قصصها، وأكثرها ألماً، قصة الخائن بروتوس.. «حتى أنت يا بروتس؟».. بهذه الكلمات، لفظ إمبراطور روما يوليوس قيصر أنفاسه الأخيرة، وهو يُطعن من أعز أصدقائه، ووزيره المقرَّب «بروتوس».
وكما هي الحال في أخبار الخيانات، فلا المحبة ولا الثقة العمياء أو «العشرة» قادرة على نزع الحسد من قلوب الحاقدين، فرحل قيصر على يد صديقه، رغم إنجازاته ونجاحاته في تحويل روما من جمهورية إلى إمبراطورية عظمى.
***
تختلف قصص الخيانات، بأزمانها وأحداثها، لكنها تتفق في أمر واحد، أن الخيانة لا تأتي إلا من الداخل، ولا يحمل أوزارها إلا «صديق» وقريب، وإذا كان للتاريخ فائدة، فهي لأخذ العبرة، حتى لا نقع بمصيدة خائن آخر من نوع «علقمي».
آخر مقالات الكاتب:
- داعشي.. «جاي» أفجر وأمشي!
- رداً على «المُعتذر»: حول الجهاد.. وذات «غيفارا» المصونة!
- انتفاضة «السكاكين».. والصهاينة «المساكين»!
- يندرباييف.. خطاب.. دوداييف.. الذين صفعوا الدب الروسي!
- جروح «الوسط».. جموح «المستقلة».. وطلوع روح «الائتلافية»!!
- لاجئ سوري.. على باب إسرائيل!
- #الله_يرحم_أبرهة
- الخائن “ابن العلقمي” .. وأحفاده فئران “العبدلي”!
- حصاد السوالف مع «رياض».. حول «العناد» في الاتحاد!
- وعدوه بالتثمين.. فاشترى «خ ي ط ا ن» وانتَحَر!