توقف إنتاج النفط من المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية من حقل الوفرة البري، قبل أسابيع قليلة. وسبقه توقف إنتاج حقل الخفجي البحري، بسبب وجود اختلافات مع السعودية، التي تتشارك معها فيهما بنسبة النصف. وقد تسبب توقف الإنتاج في هذين الحقلين في الإضرار كثيراً بنا في الكويت، حيث خفض إجمالي إنتاجنا اليومي بـ350 ألف برميل، وهي ضربة لا يزال الاقتصاد يعاني منها، علماً بأن إنتاج هذين الحقلين لم يتوقف حتى في شهور الاحتلال الصدامي للكويت قبل 26 عاماً. وبالرغم من فداحة الخسارة، فإن الجهات الحكومية لم تصارح الشعب بالأسباب التي دفعتنا إلى هذا المأزق مع الجارة الكبيرة، وكان شائناً لجوء حكومتنا، على لسان وزير النفط، إلى أسلوب التعليل بأن وقف الإنتاج سببه الصيانة الدورية، وأن القرار النهائي لمستقبل هذا الحقل سيتخذ خلال أسبوعين، وهذا، برأيي، تناقض في الموقف الكويتي، فهل الأمر يتعلّق بصيانة دورية، أم أنه ربما يتعلّق بأمور سياسية لا تود الحكومة الحديث عنها قبل أسبوعين؟ علماً بأن فترة الأسبوعين انتهت قبل شهرين، ولم يحدث أي تطور ملموس!
لا نود هنا الدخول في تفاصيل من المخطئ، فقد توقف إنتاج المنطقة، وحملت شركات النفط أحمالها وغادر موظفوها ومهندسوها المنطقة بصمت، خصوصاً أن إدارة المشروع العليا، من الجانب الكويتي لم تصدر أي توضيحات أو تبريرات لما حدث، ولم تخطر المهندسين وبقية العاملين في المشروع من الجانب الكويتي، بضرورة استمرارهم في العمل، أو الرغبة من عدمها في تجديد عقود عملهم، ولنا أن نتخيل هنا مقدار ما أصاب مئات العاملين، وأسرهم، من قلق وخوف من حالة الضبابية واللاأمان التي أصبحوا يعيشون فيها، بكل ما يعنيه الأمر من تساؤلات عن المستقبل وكيفية مواجهة التزاماتهم المالية، والديون التي ارتبطوا بها، وظروف أبنائهم ومدارسهم، لا سيما أن العطلة الصيفية قاربت على الانتهاء، وغير ذلك من مشاكل مستعصية. إن كان هذا وضع المهندسين والموظفين من المواطنين، فما بالك بغيرهم من غير الكويتيين، والذين، حسب معلوماتي، لم يتسلموا حتى اليوم رواتبهم لشهري يوليو وأغسطس، مع كل ما يعنيه ذلك من ظلم لا يقبل به أحد، في ظل حالة عدم الاكتراث التي تنتهجها الحكومة تجاههم.
إن الأمر يتطلب فوراً تسوية وضع هؤلاء المهندسين والموظفين والعمال بطريقة كريمة وصرف حقوقهم كاملة، ورفع الظلم عنهم، فلا علاقة لهم بخلافات الدول، وليسوا طرفاً ضد طرف. وبالتالي، لا موجب لتعريض كراماتهم، وحتى وجودهم للخطر، فهذا غير مقبول في وطن لم ينس يوماً مد يده لكل بعيد محتاج، فكيف بالقريب الأكثر استحقاقاً!