الفروقات بين ضفتي الخليج العربي لا تحصى. الضفة الشرقية واحدة، تقودها قيادة واحدة، تحت علم واحد، وترسم استراتيجيتها جهات تنتمي إلى قيادة واحدة، لها هدف واحد، ورؤية واحدة، ومصدر تمويليٌّ واحد.. أما الجهة الغربية فعبارة عن ست قطع، لها ست قيادات، وستة أعلام، وست استراتيجيات، وأحياناً ستة أهداف، وست رؤى، وستة مصادر تمويلية، اختلافاتها أكثر من توافقاتها.
ومع أنني من الرافضين للاتحاد الفدرالي بين دول الخليج، ما لم تتواءم الأساسيات، فإن هذا لا يمنعني من طرح بعض التساؤلات المستحقة، ونثرها على الطاولة، لعلها تجد من يرتبها ويجيب عنها؛ أولها، ما المانع من توحيد الرؤى والأهداف خصوصاً المتعلقة بالشأن الإقليمي، وهو شأن مشترك؟ وما المانع من التعاون الأمني ضد الأخطار الخارجية، والأخطار الداخلية الحقيقية؟ وبالطبع لا تدخل المطالبات بالإصلاح ومحاربة الفساد ضمن الأخطار الداخلية، كما هو حاصل الآن في بعض الجهات، مع الأسف.
وأظن أن من أبسط حقوق الشعوب الخليجية العربية أن يتم توفير الأمن لها، عبر صرف الأموال العامة، التي هي أموال الشعوب، على أجهزة الرصد المتطورة، وكاميرات المراقبة الحدودية، وفرَق الأمن الإلكتروني، ومراكز البحوث الأمنية، وغيرها من المتطلبات الحقيقية غير الاستعراضية.
الأمن يا سادة لا يتوفر باستعراض القوات في أيام الاحتفالات الوطنية، ولا بالتصريحات المخملية المعلبة، ولا بالأغاني الوطنية التي تفاخر بالوحدة، رغم الاختلاف الشاسع في الأهداف.
كشعوب خليجية، أصبحنا، بسبب تفرقنا، كرة قدم في منتصف الملعب، يتبادل ركلها فريقان قويان، بخططهما ولاعبيهما وطموحاتهما، الفريق الإيراني والفريق الغربي، بلاعبيه الأميركان والأوروبيين، ومحترفيه الإسرائيليين… فهل نستيقظ؟ أم ترانا استمتعنا بهذا الدور، دور كرة القدم التي تركلها أقدام اللاعبين الأجانب؟