انتفض الشعب العراقي على الفساد والفاسدين في العراق من ساسة وتجار وعسكريين، انتفاضة هزت أركان الوطن العراقي ودولته فجعلت الجميع يتحرك باتجاه إرضاء الشعب.. فقد كانت جبهة الفساد والفاسدين حائطا خرسانيا محالا اختراقه من قبل أي مصلح ولو كان رئيس وزراء ويتعاون معه رئيس مجلس النواب والقوى الفاعلة في المجتمع، بيد أن مواجهة الفساد وهو في أوج عنفوانه لابد ان تستند على دعم شعبي عارم، فجاء الدعم من الشعب العراقي قويا مدويا ومرعبا، ما أدى لفتح جميع ملفات الفساد القديمة والتي اعتقد الناس هناك أنها مرت مرور الكرام، والجديدة التي لم يجرؤ احد على فتحها.
هكذا وفي وقت قصير جدا، فقد وافق مجلس الوزراء العراقي بالإجماع على قرارات العبادي، منها فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا تعين لمكافحة الفساد «بالرغم من وجود هيئة النزاهة التي غرقت في الفساد»، ووجهت القرارات بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ووافق مجلس الوزراء العراقي على اعتماد عدد من القضاة المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين، كما كان منها فتح ملفات الفساد السابقة والتي يتحدث عنها الناس ولكن لا يجرؤ مسؤول في الدولة الحديث عنها، وتضمنت القرارات الإصلاحية العاجلة تقليصا شاملا وفوريا في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بمن فيهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمديرون العامون والمحافظون وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم وهو بند مكلف للمال العام فكل نائب لديه قوة حماية تتكون على الأقل من 300 عنصر، ومن ضمن هذه القرارات التي وافق عليها مجلس الوزراء العراقي هو تقليص المناصب الوزارية وإلغاء الوزارات الشكلية أو التكريمية المتمثلة في وزير دولة وهي 11 منصبا تقريبا، هذا بالإضافة إلى إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة.
وفي ذات الوقت تم الإفراج عن نتائج التحقيق في نكستي سقوط الموصل والأنبار وقد حملت لجنة التحقيق البرلمانية المسؤولية السياسية للمالكي والعديد من القيادات العسكرية النافذة، فصوتت اللجنة على تقريرها بموافقة 28 نائبا ورفض نائبين ممثلين لكتلة المالكي فقط.. ما دعا المالكي لمغادرة العراق استباقا لقراري عزله وتحميله المسؤولية فيما يعتقد أنها مغادرة للعراق دون رجعة.
وهذا يؤكد أن سطوة وقوة الفساد والفاسدين مهما بلغت في عين المتابع إلا أنها قوة مصطنعة، وهي في الواقع والحقيقة أهون من بيت العنكبوت.. فهروب المالكي يؤكد ويثبت هذا وهو الذي كان يوصف بأنه الرجل القوي في العراق بل الأقوى على الإطلاق ولم يتصور اشد المتفائلين أن يحاسب بأي صورة أو يفر من العراق، وهروبه سيؤدي بالضرورة لسقوط مدو لمعظم قلاع الفساد والفاسدين، وسيذهب جمع كبير من الفاسدين قريبا للسجن بعد ان تسترد منهم أموال الشعب والدولة التي نهبوها، ففي معظم الدول الديموقراطية ومنها العراق فإن القانون يحصّن المال العام وقضاياه لا تسقط بالتقادم، بل ولا تنتهي بموت السارق او الفاسد وتسترد الأموال من ورثته.. لذلك فإنني أطمئن الصالحين والمقهورين من الفساد والفاسدين في كل مكان ان للفاسد جولة ستنتهي إن عاجلا أو آجلا، ولكنها ستنتهي كما انتهت في العراق وسيحاسب الفاسدون أحياء كانوا أو أمواتا، وستسترد منهم أموال الشعب التي نهبوها فدعوهم في ظلمهم يعمهون إلى حين.
وكل الشكر للشعب العراقي الذي رغم جراحه العميقة من التردي بكافة أنواعه والإرهاب والفساد، إلا انه انتفض على الفساد والفاسدين فقدم نموذجا يحتذى في مواجهة الفساد والفاسدين، والشكر موصول للقيادات الوطنية الرشيدة المتمثلة في رئيس الوزراء د.العبادي ورئيس مجلس النواب د.الجبوري وكثيرون غيرهما لترجمة مطالب وأماني شعبهم بالإصلاح لخطوات عملية فعلية على الأرض تسيير في الاتجاه الصحيح وبأسرع مما يتطلع الشعب، والعقبى لنا في وطننا العزيز بإذن العزيز القدير.. فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح