أشاد الجميع بالتلاحم المجتمعي إثر تفجير مسجد الصادق، فقد كان يعبر بحق عن استهجان كبير لأي محاولة للعبث بأمن البلد ونسيجه المجتمعي، وتم تفويت الفرصة على من يحاول اللعب على تناقضات المجتمع أو التكسب من ورائها، وإذا كانت هناك خطورة كبيرة وراء أعمال العنف، فإن انقسام المجتمع في موقفه من تلك الأعمال لا يقل خطورة عن العمل الإرهابي نفسه، وهذا ما لم يحدث بعد تفجير «الصادق» والحمد لله.
ورغم الإشادات الكثيرة بموقف المجتمع بكل أطيافه ومكوناته من تلك الحادثة، فإنه كانت هناك مخاوف من احتمالية عدم تكرر ذلك المشهد الجميل، إذا قدر الله ووقعت أعمال شبيهة، وعندها نكون قد وقعنا في المحظور، فالناس يجتمعون في المصائب إذا كانت طارئة وسريعة، أما إذا تكررت وطال وقتها فإن كل طيف سيبحث عن نجاته ومصلحته الخاصة، وعندها سيخسر الجميع، وعلى رأسهم الوطن.
للأسف.. لم يكن الموقف المجتمعي من كشف الخلية الإرهابية المشتبه بارتباطها بحزب الله، كما كان في حادثة تفجير مسجد الصادق، فقد جاءت بعض الاستنكارات باهتة ومغرقة في العمومية، وصمت بعض أعضاء مجلس الأمة عن التعليق على تلك الحادثة، والأدهى من ذلك تناول البعض منهم للحدث باستخفاف وبمنطق تبريري من دون أن يلقى استهجانا من قواعده، ولعل في ذلك مؤشرا على خطورة الوضع الذي قد يصل إليه المجتمع إذا ما تعززت تلك الحالة.
كان من المتوقع أن يكون الاستهجان والتخوف من الخلية التي تم كشفها أكبر، حيث ان جميع المشتبه بهم موظفون كويتيون، وليسوا مراهقين يمكن التغرير بهم، كما أن كمية الأسلحة والمتفجّرات التي كانت بحوزتهم تثير الرعب، فبالطبع هي ليست للاستعمال الشخصي، فهي ترسانة كافية لتدمير المجتمع، وخلق فوضى واحتراب داخلي يقضي على الأخضر واليابس، فضلا عن ارتباط الخلية بمنظمة خارجية متهمة بالقيام بأعمال عدائية ضد الكويت في وقت من الأوقات، فكيف يتلكأ البعض في الاستنكار مراعاة لحسابات طائفية، أو مصالح فئوية ضيقة على حساب سلامة مجتمع بأكمله؟!
من الخطورة بمكان أن يمر الموقف البارد من البعض تجاه هذا الحدث الخطير، وصمت البعض الآخر، من دون وقفة تقييم وتقويم لمعرفة مدى حرصهم الجاد على أمن وسلامة البلد، وتقديمه على حساباتهم الطائفية، فمثل هذه القضية لا يمكن أن تكون محلا للمساومات والمجاملات والحسابات السياسية، بل هي قضية وجود، تتعلق ببقاء مجتمع واستمرار دولة!