في كل قضية او تهمة تتم في اي بلد ينقسم الشارع فيها بين عدة اقسام كل حسب المصلحة التي يراها فيقوم بدفع المجتمع نحوها لتحقيق مصلحته بأكمل وجه ، فمن يرى مصلحته في مصلحة بلدة يدفع بإتجاه معين خدمةً لبلده ، ومن يرى مصلحته في مصلحة تياره او وطائفته أو قبيلته او او او يدفع باتجاه اخر خدمةً لأجنداته وهكذا ، وفي هذا المقال سأتطرق لقسمين فقط منهم .
فالقسم الأول ؛ هو القسم الحقوقي والذي يرى ان مصلحته في مصلحة بلدة ككل ، ففي كل قضية يسعى لتوجيه هذه القضية او التهمة و لأي شخص كان قريبا منه او بعيد ، نحو القضاء ليأخذ مجراه ويتم محاسبة المتهمين عبر الطرق القانونية واعطائهم كامل حقوقهم من محامين و غيره ، فإما ان يدينهم القضاء ويتم معاقبتهم وفق القانون ، او يتم تبرأتهم ويتم اطلاق سراحهم دون اي طعن او تجريح او تسقيط في المجتمع ، وهذا هو الامر الصحي والذي تستند اليه الدول الديمقراطية والجهات الحقوقية والقضائية ويسعى له كل منصف كي لا يقوم بظلم احد ولاعطاء كل ذي حق حقه وليحافظ على نسيج بلده رغم اختلاف توجهاته وتياراته ومكوناته .
أما القسم الثاني ؛ فهو القسم والجانب السياسي والذي عادة ما يتبناه الخصوم السياسيين في ما بينهم ، فتراهم يتراشقون ويتهمون بعضهم البعض فور اتهام شخص او اكثر في اي قضية حتى قبل البت فيها قضائياً وكأن القضية مثبته على المتهمين ، فيقومون بشن حملات اعلامية و صحفية ويقوم ابرز الشخصيات بالتصريح لخلق جو عام ضد المتهمين ، ليؤثر هذا الجو العام على القضية وحيثياتها بالاضافة الى تسقيط المتهمين في المجتمع حتى لو خرجوا من هذه التهم وحكمت المحكمة ببراءتهم ، فالهدف هنا هو كسب نقاط لشخصه او حزبه او تياره والانتقام من غيره حتى لو ادى ذلك لضرر بلده وليس معرفة الحقيقة وانصاف المتهم .
وهذين القسمين تجدهم في كل قضية وبهم تميز بين الحكيم والمستهتر وبين الوطني و الفتنوي ، وهنا يأتي دور السلطة القضائية التي يجب عليها ان تحافظ على سير القضية او التهمة في اطارها الصحيح دون التأثير عليها من الشارع و كي يتم الحكم فيها بكل حيادية ، وخصوصاً اذا رافقت هذه التهم اتهامات كاذبة وتلفيقات كبيرة من الشارع السياسي الذي ينشط في مجال الكذب والتلفيق لتحقيق مآربه ، فاما ان يترك القضاء الحبل على القارب ويجعل الكل يصرح و يتهم و يصدر الحكم على حسب اهواءه ، او ان يأمر بعدم الخوض في القضية اعلامياً .
وعادة ما تتخذ السلطة القضائية الحكم بعدم الخوض في الحديث عن القضايا والتهم التي تخص امن الوطن كي لا يتم التأثير على التحقيق بالسلب او الإيجاب وليأخذ كل ذي حق حقه وكي لا يتم تسريب أي كلمه او حادثة من التحقيق و التأثير عليه من الخارج ، للحفاظ على سير القضية حسب الاجراءات السليمة.
وفي الاغلب يكون حظر الحديث عن القضية هو الخيار السليم الذي يخدم الوطن ويحافظ على وحدته وعدم استفادة اي سياسي او فتنوي من خلق جو عام يخدم به اجنداته مقابل مصلحة الوطن .