شهدت العاصمة العراقية بغداد بمختلف تنوعاتها سنة وشيعة وأكراد فزعة شعبية بعدما ضاق الشعب ذرعا بفساد مؤسسات الدولة، وبعد صمت تواصل لسنوات بسبب الخلافات المصطنعة بين مكونات الشعب العراقي، وهي التي كان يصطنعها الفاسدون والمفسدون لاشغال الشارع بترهات، عما يقومون به من سرقة لأموال الشعب العراقي، فتوقفت التنمية وتخلفت الخدمات لحد أن العراقيين باتوا يحرمون من الكهرباء لأكثر من 20 ساعة يوميا في الصيف اللاهب.. وبالرغم من أن عشرات مليارات الدولارات نهبت تحت بند الكهرباء.. والمحصلة الرقمية تؤكد ان العراق ينتج 10الاف ميغاوات بينما يحتاج إلى 30 ألف ميغاوات.
فحكاية الفساد في العراق بدأت حلقاتها بالدستور الذي وضعه بريمر وأسسه على الفئوية (ويبدو انه جاء بشكل مقصود لتمزيق العراق وتفكيكه على الامد البعيد) وبدأت المناصب القيادية بالدولة توزع بالمحاصصة فبدأت من رئاسة الجمهورية ونوابه ورئاسة الوزراء ونوابه وصولا لمدير عام وإلى غاية التعينات في الوظائف البسيطة بالدولة، وكبرت دولة الفساد وتضخمت في عهد السيد المالكي الذي بدأ في استخدام أموال الدولة وأراضيها لشراء الولاءات ومحاربة الخصوم، لذلك وجدناه أقوى من كل التيارات السياسية التي أجمعت على عدم التمديد له، الا انه قاوم حتى اخر لحظة ولم يترك المنصب الا بترضية حصل بموجبها على منصب نائب رئيس الجمهورية.. فجاء السيد العبادي فوجد نفسه والدولة غارقتين في مستنقع ضخم من الفساد، ورغم ثقتي بصلاح هذا الرجل وخطواته الاصلاحية التي كان ابرزها وقف مرتبات الالاف من العسكريين المسجلين في سجلات الدولة ويقبضون رواتب وهم في بيوتهم.
وخطواته التوفيقية بين فئات المجتمع والتي كان أبرزها دمج السنة والأكراد ضمن قوات الحشد الشعبي، الذي حصر المالكي منتسبيه على فئة واحدة من الشعب العراقي.. ورغم هذه الخطوات الا انه كان بحاجة لدعم شعبي كبير ليتمكن من تحقيق إصلاح ملموس ناجز، فجاءه الدعم من أهل بغداد في البداية وتوسع الدعم بشكل غير مسبوق من كل المحافظات وخصوصا الشيعية في الاسبوع الفائت، فتعهد بانجاز الاصلاح وفي اجتماع طارئ لمجلس الوزراء اعتمد المجلس حزمة العبادي الأولى التي جاء على رأسها إلغاء مناصب نواب الرئاسات الثلاث وفتح ملفات الفساد، ما جعل المالكي يسجل اعتراضه، ولكن تم اعتماد الحزمة الاولى في مجلس النواب العراقي بسهولة ويسر وبالإجماع، بعدما اعلن رئيس مجلس النواب بأن المجلس سيناقش حزمة الإصلاح الأولى في جلسة علنية وأن المعترضين ستعلن أسماؤهم للشعب العراقي.
وهنا يسجل للشعب العراقي بأن مطالبته الحقة عرضها برقي وتحضر فلم يطالب بهدم الدولة او أركانها او عبر الفوضى، وإنما حدد مطالبته بتحقيق الإصلاح ومحاسبة الفاسدين ووقف المحاصصة، فدعمته باقي قطاعات المجتمع ممن ضاقوا بالفساد فكانت البداية من المرجعية بالنجف الشريف، وتبعها السيد الصدر الذي بادر وبدأ بالمطالبة بمحاسبة بهاء الأعرجي ممثل التيار الصدري بالحكومة العراقية والذي حامت حوله شبهات فساد.. وجاء دعم قوي من الوقف السني وكذلك من جهات كردية، كل هذا بالرغم من احتلال وتهديدات «داعش»، ولم يقل احد لا يجوز المطالبة بمحاربة الفساد لوجود «داعش» فمواجهة الأخطار تكون اكثر فاعلية بوقف الفساد والفاسدين وبه يشد من عضد الوحدة الوطنية.
عموما انطلقت جولة جديدة من حرب دعا لها الشعب العراقي على مختلف أطيافه لمحاربة الفساد والفاسدين، ومنح السيد حيدر العبادي تفويضا كاملا لقيادتها، وأراه سينجح في إنزال هزيمة ساحقة بالفساد والفاسدين وسيحقق الإصلاح الذي ينشده العراقيون.. دعائي لهم بالتوفيق والعقبى لنا إن شاء الله العلي القدير.
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح