تعني كلمة «كيبوتز Kibbutz» بالعبرية الجماعة، ولكن معناها تطور ليرمز إلى مجموعة مكونة من 30 إلى 1500 يعيشون معاً في مزرعة جماعية، في حياة أشبه بالنظام العسكري. ولذلك، يكون سكان الكيبوتزات عادة من المقاتلين المهرة في فنون إقامة القلاع كحصون تصلح للدفاع والهجوم معاً. وتؤلف كل وحدة نظام مستعمرة، أو مزرعة جماعية من التي أقامتها الحركة الصهيونية في فلسطين منذ مطلع القرن العشرين، لتكون القاعدة العسكرية الزراعية لغزو فلسطين، وإقامة الدولة وحمايتها بعد ذلك. وتتميز الكيبوتزات بضعف دور العائلة فيها، من مفهومها الإنساني، حيث تتولى المؤسسات التربوية والتعليمية مهمة تنشئة الأطفال جماعياً منذ ولادتهم حتى الثامنة عشرة، بهدف تحويل الجميع إلى مجندين دائمين لخدمة الصهيونية وأغراضها. وقد يبدو الكيبوتز في الظاهر وحدة اجتماعية زراعية ذات مقومات اشتراكية تشبه جماعية الإنتاج والاستهلاك، ولكن العناصر الأساسية لهذا النظام، من إطار فلسفي ومحتوى سياسي ودور تاريخي وواقع عنصري، تنفي الطابع الاشتراكي والإنساني الحقيقي عنه، وتجعله أداة لاستعمار استيطاني.
وفي الكويت يوجد نظام «الجمعيات التعاونية»، الذي سبقت به غيرها من دول المنطقة. وقد تبدو الجمعيات في الظاهر وحدة اجتماعية استهلاكية تعمل ضمن إطار فلسفي تعاوني، ويكون لها دور تاريخي، ولكنها تحوّلت مع الوقت، وفي أغلبية الجمعيات، إلى أداة تحقيق أغراض البعض في الوصول للمناصب السياسية وفي الإثراء غير المشروع من فساد نظام الجمعيات. وبالتالي، أصبحت أبعد ما تكون عن تعاون أبناء المنطقة الواحدة، وتلاحمهم.
وفي سابقة غريبة، وكما تردد اعلامياً، تقدم أخيراً 8 من أعضاء مجلس إدارة جمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية، معقل الصلاح والإصلاح، باستقالاتهم، بعد أقل من شهرين من انتخابهم، بسبب التدهور الكبير في وضع الجمعية المالي. وقال رئيسها المستقيل إنهم كانوا يدركون أن وضع الجمعية سيئ، ولكن ما اكتشفوا أن وضعها أسوأ بكثير من الأرقام المنشورة في ميزانية السنة الماضية. وأن دين الجمعية فاق 9 ملايين دينار تقريباً. كما رفض بيت التمويل، صاحب أكبر دين للجمعية، التعامل معها، مما يعني حرمان الجمعية من بضائع 128 شركة منضوية تحت مظلة البيت. هذا، إضافة إلى كثرة القضايا المرفوعة ضد الجمعية بسبب إصدار المجلس السابق لشيكات من دون رصيد بمئات الألوف، مما أدى إلى امتناع البنوك عن تزويدها بدفاتر شيكات، بعد أن أصبحت على القائمة السوداء.
كما اكتشف الرئيس أن سوق الجمعية غير مرخص، وتراخيص المحلات منتهية، وغير قابلة للتجديد، وغير ذلك من مشاكل مستعصية الحل.
الغريب أن وضع الكثير من الجمعيات التعاونية – إن ثبتت صحة ما تقدم – لا يختلف، وإن بدرجة أقل، عن وضع جمعية الدسمة. وبالتالي، على الوزارة الاعتراف بفشل التجربة التعاونية، وبأن الوقت قد حان لخصخصتها!