الحمد لله… الحمد لله… أقول هذا وأنا أحاول استعادة أنفاسي التي تركض هاربة مني، لكنني حاصرتها، واستطعت القبض عليها، وإرجاعها إلى صدري قبل أن تنجح في مسعاها.
الحمد لله الذي قيّض لنا هذه السلطة الحكيمة الرحيمة الرخيمة، ولا أدري ماذا كنا سنفعل من دونها. تخيل لو أن سلطتنا تعاملت معنا كما تعاملت سلطات دبي مع مواطنيها، أو سلطات قطر مع مواطنيها… تخيل ما الذي كان سيحدث؟
يعني لو أن سلطتنا تعاملت معنا بخبث، وأنشأت بنية تحتية فاخرة، وجلبت لنا فعاليات عظمى، كبطولة كأس العالم، مثلاً، أو معرض إكسبو العالمي، أو سمحت للشركات الدولية العابرة للبحار ببناء مقراتها الرئيسية في الكويت، أو وافقت على إنشاء أفرع لأرقى الجامعات العالمية في الكويت، أو ما شابه…
تخيل ذلك، وفكر في الذي سيحل بك، كمواطن بسيط… سترتفع أسعار الأراضي، كما يحدث في قطر الآن، بنسبة أربعمئة في المئة! وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع السلطات الكويتية إلى ترك البلد خرابة، كي لا ترتفع أسعار العقار، ونجحت في ذلك، فانخفضت أسعار العقار بنسبة ثلاثين في المئة. وهذا ما يسمى في علم الإدارة “الطيط الاستراتيجي”، وهو علم جديد مُشتق من “التخطيط الاستراتيجي”.
وفي دبي، يتباهى “الدبيانيون” بأن مستشفياتهم التي شُيدت على أحدث طراز، باتت تبهر الناظرين، في حين حرصت سلطتنا على ألا يحب الناس رؤية المستشفيات، فيضطروا إلى الحفاظ على صحتهم، وهذا من الطيط الاستراتيجي… ويتباهى الدبيانيون كذلك بحدائقهم ومتنزهاتهم المتناثرة هنا وهناك، في حين تتباهى سلطتنا بنثر “الخرابات” هنا وهناك، كي لا ينشغل المواطنون بالحدائق، ويتعودون على الكسل، وعلى “التبطح” في المتنزهات، فيقل عطاؤهم… وهذه هي قمة الطيط الاستراتيجي.
وفي قطر، يتباهى القطريون بأن سلطتهم ساهمت بأسمائهم في تأسيس شركات كبرى، تعود بالفائدة على مستقبل البلد، وعلى جيوب المواطنين في الوقت نفسه، في حين لم تفعل سلطتنا ذلك، كي تحفز المواطنين على الجري وراء الرزق، والإنتاج، وهذا وجه من أوجه الطيط الاستراتيجي.
الحمد لله على الطيط، الذي وهبتنا إياه سلطتنا، وبانتظار الانتقال إلى المرحلة المقبلة، مرحلة الخريط.