2/8 تاريخ محفور في ذاكرة الكويتيين، فقد أصبحوا ووجدوا أنفسهم فجأة بلا وطن فقد غزا النظام العراقي الصدامي الكويت بصورة كشفت الخبث والغدر وحقيقة مكنون بعض النفوس العربية، التي تقتات على الحسد، وتتمنى زوال النعم من أصحابها، غزو صدام للكويت ليس فكرة عابرة ولا قاصرة على النظام الصدامي، لكنها فكرة أشبعت بها عقول الكثير من العراقيين، الذين تربوا على حكاية خاطئة، وهي ان الكويت جزء من العراق، واستفاد صدام من إيحاءات أميركية بعدم ممانعتهم ذلك، فكان الغزو. فلا عجب أن تتردد هذه الفكرة حتى اليوم في أذهان عدد ليس بقليل من العراقيين، وعلى الأخص في تفكير السياسيين منهم، ولا ثقة فيهم.
لقد منّ الله علينا، وتم بفضله، ثم معاونة الدول الشقيقة والصديقة، تحرير الكويت من الغزو، لكننا أغفلنا مقدمات الغزو وحيثياته، ومنها:
– اننا نعيش وندير الصراع الداخلي وكأننا نستمتع بوجوده واستمراره، فقد كان حاضرا قبل الغزو، وهو اليوم وللأسف أشد حضورا.
– اننا نغفل أهمية التماسك الشعبي الداخلي، وأن سياسة فرق تسد التي يتم من خلالها إضعاف مكون سياسي أو اجتماعي لمصلحة مكون آخر والعكس هي سبب لحالة اللا استقرار، ومن ثم تهديد كيان الوطن وبقائه، ولذا فإن الانتقائية وتغذية الفئوية بتشريعات قوانين الانتخاب أو بمعايير وممارسات شغل المناصب أو في تجاوز القوانين انحيازا لفئة أو مجموعة يشكل حالة قابلة للانفجار.
– ان الناس أرهقتهم تراكمات تعطل حياتهم وشلل مشاريع البلد الحيوية بصورة أفقدتهم الثقة بالجميع، وربما الأمل في تغيير الأمور مستقبلا، فالتفرد بإدارة شؤون البلاد حالة معيبة، وتأخر الإسكان يثير الدهشة والسخرية، وتردي التعليم مؤلم، والسرقات والنهب المقنن عن طريق المناقصات غير خاف، حتى صار الفساد له مؤسساته وبؤره ورموزه، بل ان تراجع الخدمات الطبية يؤكد أن شر البلية ما يضحك، وغيرها الكثير.
– ولقد كان يحدو الناس أملٌ في أن يحدث الغزو، بآلامه وجراحه وآثاره التي لم يسلم منها بيت، تغييراً في الأحوال، يشهد معه البلد نهضة وبناء وتطويراً ينقله إلى مصاف الدول الطموحة ولا نقول المتقدمة، ولكن للأسف فإن شيئا من ذلك لم يحدث، بل تهاوت أوضاع البلد في كل النواحي أضعاف ما كانت عليه الحال قبل الغزو، بل ازداد سماسرة نهش البلد والتعامل معه على أنه سلعة ينبغي جني أفضل العوائد منها بأقصر الطرق من دون مسؤولية وخجل، فهم قد اعتادوا العيش على الأوضاع غير المشروعة، وهكذا نجحوا في نشر ثقافة التعامل مع الوطن أنه بلد مؤقت، وبكل أسف.