أعلن وكيل الشؤون المالية في التربية الكويتية أن ميزانية الوزارة، البالغة ملياراً و600 مليون دينار للسنة المالية المقبلة، سيتم خفضها (بدلاً من زيادتها)، بمبلغ 200 مليون دينار، وذلك بناء على قرار مجلس الوزراء المتعلّق بترشيد الإنفاق! ولا أستبعد هنا قيام بقية الدول العربية باتخاذ خطوات مماثلة، بطريقة ما أو بنسبة أو بأخرى، فليس مثلنا أقوياء على نهش ميزانية التعليم، وترك الصرف الباذخ وغير المجدي كما هو، إن لم نزده دسماً.
ولجعل الوضع مخجلاً أكثر والطين أكثر بللاً، كشف مصدر جامعي عن انتهاء قطاع الشؤون العلمية من إعداد ملفات البعثات الدراسية، البالغ عددها نحو 60 بعثة من جميع الكليات، باستثناء كلية الشريعة (لم أكن أعلم أن الشريعة تحتاج إلى ابتعاث كالطب والهندسة). وأشار المصدر نفسه لـ القبس إلى أن الصراع والخلافات والتدخلات في أعمال اللجنة العليا للبعثات من قبل بعض نواب مجلس الأمة، إضافة إلى وزير التربية وزير التعليم العالي وبعض قياديي وزارة التعليم العالي، وأيضاً بعض قياديي الجامعة الحاليين، المنتهية مددهم (أو صلاحياتهم)، أضاعت كل جهود اللجنة، وربما صار الابتعاث طبقاً لمزاج هذا الطرف أو تلك الجهة، ولعله أداة شراء ولاء وأسلوب ترضية سياسية، ويا قلبي ويا مبدع، يا من تستحق البعثة أكثر من غيرك، ولم تحصل عليها، لا تحزن، فوضع مجاري الوطن.. بخير!
يقول: لي كوان يو مؤسس سنغافورة وراعي نهضتها العظيمة إنها في الستينات كانت مرتعاً خصبا للجريمة، وكان ثلاثي الفقر والجهل والمرض يفتك بها يومياً. وكانت مناصب الدولة «المجزية» تذهب لمن يدفع أكثر. وكانت الشرطة ترشى بسهولة، ولم يكن إجرام القضاء أقل من إجرام من كان يحاكمهم، وكانت قلة تمتلك كل الأعمال والعقارات، وكان الجميع يعتقد أن الإصلاح مستحيل، فقد كان الوضع برمته مأساوياً، ولكنني لم أركن إلى اليأس. فقد اجتمعت باتحاد المعلمين وقلت لهم إنني سأمنحهم أفضل الأجور وأفضل ظروف العمل، وسأتفرغ لبناء هياكل الدولة وما عليهم غير بناء الإنسان، من خلال التعليم الجيد، وهذا ما حصل، نهضت سنغافورة بعدها، وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة.
حدث ذلك، ويحدث ما يماثله في عشرات الدول القريبة والبعيدة عنا، ولكننا لا نزال نراوح مكاننا، ونحاول التغلب على الجهل بتخفيض موازنة التربية، والبحث عن التطرف وملاحقة المتطرفين في الزرائب، الجواخير،المزارع وبين ألواح مساجد الكيربي، واضعين ثقتنا في مشرفي أجهزة الوسطية ليخلصونا من وباء هم من تسببوا به أصلاً!
ملاحظة: تم تعيين الشيخ فهد سالم عبدالعزيز الصباح مديراً عاماً للخصخصة. وتعيين الفريق المتقاعد صالح الحميضي نائباً لرئيس هيئة الغذاء. وقبلت في الوقت نفسه استقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى!