يروي كثير من الدراسات عن الفساد الشديد الذي تزخر به المنظمات الدولية، ومنها الامم المتحدة، وهو ما عكسته فضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء في العراق، كذلك تم الحديث عن تورط رئيس البرنامج القبرصي «سوفان» في الفساد، بل اتهم حتى الأمين العام آنذاك كوفي أنان، وأحد أوجه الفساد التي تم الحديث عنها ما يجري إبان الحروب الاهلية من استغلال للاموال الذاهبة لمساعدة المنكوبين عبر الاستفادة غير المشروعة من عمليات شراء السيارات والخيام والأغذية، بل يقال إن هناك استفادة خفية من بيع السلاح للأطراف المتحاربة، وحتى المخدرات، مستغلين كونهم الوحيدين القادرين على التحرك الآمن بين الاطراف المتقاتلة!
***
وأذكر إبان ترؤسي للجنة سلامة الطيران التي كانت تعقد أعمالها في لشبونة بالبرتغال أن طيارا أفريقيا اشتكى من ان طائراتهم المدنية تحمل بالركاب في الاعلى وفي الاسفل تحمل بالأسلحة التي تستخدم في حربهم الاهلية، وقد رد عليه طيار برتغالي يدعى غومز قائلا إنه كان يعمل طيارا إبان الحرب الاهلية في بيافرا بنيجيريا لدى منظمة انسانية دولية شهيرة (ذكرها)، وإنهم كانوا يحملون الدواء من دولة أوروبية محايدة الى بيافرا، وكانت اسفل كراتين الدواء كراتين الاسلحة للمتحاربين!
***
إن جميع الدلائل تشير إلى الفشل الذريع و«المعتاد» للمبعوثين الدوليين او التابعين لبعض الدول الكبرى في سورية واليمن وليبيا والصومال والعراق وفلسطين والسودان وغيرها، وقبلهم من أرسل لإطفاء نار الحرب الاهلية اللبنانية حال اشتعالها فأبقاها لمدة 17 عاما، فهل من المصادفة البحتة عدم نجاح هؤلاء المبعوثين الدوليين في مهامهم المعلنة فقط، ام انهم نجحوا ونحن لا ندري؟
***
وماذا عن شكوى ساسة كبار علنية من هؤلاء المبعوثين كحال شكوى رئيس الوزراء الليبي الشرعي عبدالله الثني من الانحياز التام للمبعوث الدولي ليون للميليشيات المسلحة المتطرفة، واستغراب الثني الشديد من ان المجتمع الدولي في الوقت الذي يعترف فيه به وبحكومته كممثل شرعي وحيد للشعب الليبي، يحارب هو ومبعوثه بشدة الحكومة الشرعية ويمنعون عنها الاموال والاسلحة ويسمحون بها للمعارضة، وهي نفس شكوى رئيس اليمن الشرعي عبدربه منصور هادي من انحياز المبعوث الدولي جمال بنعمر الذي يصر على مواصلة الحوار في صنعاء المسيطر عليها من احد اطراف النزاع، ان الامل في إنهاء المبعوثين الدوليين للصراعات في المنطقة أقرب لعشم ابليس في الجنة!
***
آخر محطة: 1- للتذكير: ما أنهى الحرب الاهلية اللبنانية هو تدخل دولة عربية هي السعودية، لا الرحلات المكوكية للمبعوث الاميركي فيليب حبيب.
2- يقال إن من يسيطر على وزارات الدفاع والمالية والاعلام يسيطر على مقدرات أي بلد، والمبعوث الدولي في دول الانقسامات والانشطارات العربية بات يسيطر على السلاح والمال والاعلام، لذا بات بيده إنهاء تلك الحروب أو بقاؤها، والارجح انها ستبقى جميعا الى عقود قادمة، وستستمر الرحلات المكوكية للمبعوث الى حين انتهاء أجل.. المبعوث لا أجل الحروب! والله أعلم.