كان وزير الخارجية السوري الحالي وليد المعلم سفيرا لبلاده في الولايات المتحدة الأميركية في الفترة بين الأعوام 1990وحتى عام 1999 وحدث أنه أقام حفل عشاء على شرف مسؤول سوري زار واشنطن حضرها كالعادة كل السفراء العرب وقد روى لي تفاصيلها سفير الكويت الراحل في واشنطن الشيخ سعود الناصر الصباح رحمه الله رحمة واسعة! وقعت بها حادثة طريفة عندما سأل الأمير بندر بن سلطان سفير المملكة العربية السعودية السابق في واشنطن مازحا السفير السوري وليد المعلم وبصوت عال قائلا: «سعادة السفير ما الفرق بين البعث العراقي والبعث السوري»؟! فرد عليه «المعلم» ضاحكا وبصوت عال أيضا ومشيرا بيده إلى شخص يجلس قريبا منهما قائلا:«اسأل حمد الكواري فهو خير من يجيبك عن هذا الفرق» كان حمد الكواري هو السفير القطري هناك في ذلك الوقت، وكان معروفا لدى الوسط الدبلوماسي العربي في واشنطن ان الكواري عاشق للبعث العراقي ومن هنا جاءت سخرية البعثي السوري منه!!
حكاية «على الماشي» أردت بها الدخول إلى مقدمة موضوع مقال اليوم قررت فيه أن يجنح خيال الكاتب والذي هو اكثر اتساعا وطولا وعرضا من خيال الشاعر وأستخدم آلة الزمن لأعود إلى الوراء حتى عام 1990 ولكن بشكل معكوس في موقع الحدث من شمال الخليج «الكويت» إلى شرق المملكة العربية السعودية وتحديدا إلى قطر لأكتب وأقول «الاخوان» في قطر العزيزة لا يعرفون لماذا نكره «الإخوان المتأسلمون» لكننا سنحاول أن نشرح في السطور القادمة بأسلوب مبسط بعيدا عن التعقيد والتنظير والغوص في مفردات أمهات كتب النحو والبلاغة والصرف!!
ذات صباح في 2/8/1990 استيقظ القطريون من نومهم وخرج عبدالله وجاسم وحمد وابتسام وجوعان ومعهم الآلاف من أبناء وطنهم في طريقهم إلى أعمالهم ودواماتهم ومدارسهم وجامعاتهم وحتى إلى مخافرهم وقواعدهم بالنسبة إلى العسكريين لكنهم شاهدوا دبابات ومجنزرات تحمل شعارات غير مألوفة ومن كمية الدخان المنبعثة من عوادمها تبين إنها قديمة ومتهالكة ولا يمكن أن تكون للجيش القطري أو للجيش الأميركي المتواجد في قاعدة «العديد» أو«السيلية» يقف فوقها جنودا يرطنون بلغة غير مفهومة!! بعد ان تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لـ«عبدالله وجاسم وحمد وابتسام وجوعان وغيرهم» اكتشفوا أنها دبابات تابعة للحرس الثوري الإيراني وأن الجمهورية الإسلامية احتلت قطر واعتبرتها المحافظة «36» لإيران!!
كان تلفزيون قطر وإذاعتها يبثان بشكل متقطع أناشيد حماسية وأصوت المذيعين القطريين متهدجة وهي تطلب من أشقائها العرب إنقاذها من الاحتلال الإيراني لكن لم تمض ساعات قليلة على الاجتياح حتى انقطع الإرسال من الاثنين وظهر مذيع إيراني على شاشة التلفزيون القطري مرتديا «العقال أبو خيط والدشداشة أم ياقة» ومتحدثا بلكنة عربية تشوبها الفارسية وكذلك بالنسبة للإذاعة!! خرج الشعب القطري في مظاهرات غاضبة ضد الاحتلال ومطالبا القوات الأميركية على أراضيه بالتدخل وتحرير البلد لكن .. «القرضاوي وإخوان قطر .. يا إخوان» رفضوا ذلك!! قالوا «الإيرانيون مسلمون أشقاء ونرفض تدخل قوات صليبية لقتالهم نحن سنذهب إلى مؤتمر إسلامي في لاهور الباكستانية لنقترح تأسيس جيش إسلامي من دول مثل ماليزيا وأندونيسيا وبنغلادش وباكستان ونيبال من اجل تحرير قطر»!!
ستون سنة وفلسطين ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي لم يستطيعوا إرسال «طاقم مخفر» في بلد إسلامي من تلك التي قرروا زيارتها والاجتماع بعلمائها في باكستان ليحرروا شبرا من محيط المسجد الأقصى ليأتوا الآن وشباب قطر وبناتها وشيوخها وأطفالها يقتلون «بالمثاقيب الكهربائية» والصعق بالكهرباء والدهس .. بالدبابات لكي يحرورها ! هل عرفتم يا أشقاءنا في قطر لماذا نكرههم؟
تحرك السفير «حمد الكواري» على كل المستويات والتقى بالرئيس بوش ونائبه وكل أعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين وأجرى مئات اللقاءات الصحافية ليتحدث عن وطنه المحتل وشعبه القطري الواقع تحت جنازير آليات الحرس الثوري الإيراني وبطشه وفجأة يصل وفد من الإخوان المسلمين القطريين وعلى رأسهم القرضاوي إلى واشنطن ليبدأ بنسف كل ما فعله «حمد الكواري» وليقولوا للأميركيين «نحن الإسلاميين لا نوافق على تدخلكم فإيران دولة مسلمة ونريد قوات إسلامية»!! هل عرفتم الآن أشقاءنا الأعزاء لماذا نكرههم؟! حتى حركة «حماس» التي طالما ساعدها الشعب القطري وحكومته هتفت من فوق كل منزل في فلسطين المحتلة للولي الفقيه داعمة ومشجعة وهي تقول :«بالكيماوي يا خميني من الدوحة ..للبريمي»!
المهم تحقق المراد وكانت رحمة الله أوسع من ضمائر كل مرتزقة اليمن والسودان وفلسطين وتونس وموريتانيا وحتى الجزائر ممن وقفوا مع القاتل الإيراني ضد القتيل القطري لأنه «يمهل ولا يهمل» فتدخلت اميركا ودكت جيش «الولي الفقيه» الذي اندحر ملوما محسورا لكنه أخذ معه ستمائة وخمسين أسيرا وأسيرة قطريا ذهبوا أحياء وعادوا جماجم وعظام ورفات! هل عرفتم الآن أشقاءنا في قطر لماذا نكرههم؟!
هل انتهت الحكاية ؟ ليس بعد! فجأة تخرج قناة تلفزيونية من «الشقيقة الكويت» اسمها «الجزيرة» تزدحم بالمرتزقة ذواتهم من فلسطين والسودان وغيرهما يهاجمون قطر وشعبها الذي «ارتضى أن يقوم أهل الصليب الأميركي بقصف البلد المسلم وشعبه المؤمن في الجمهورية الإيرانية» ويشيدون «بالاخوان المسلمين القطريين» الذين تمتلئ «قلوبهم بالإيمان والخوف على المسلمين في إيران حين عارضوا الضربات الأميركية لقوات الحرس الثوري» بل اعتبروا أن «قطر وشعبها» لم يتحرروا إنما تم احتلالهما من قبل «عبدة الصليب كفار واشنطن»!! هل عرفتم الآن أشقاءنا الأعزاء في قطر .. لماذا نكرههم؟ أم يكفينا أن نذكركم بقول سيد المرسلين وخاتم النبيين حين قال :«لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .. صدق رسول الله .. فهل أنتم مؤمنون؟!