كما كان متوقعاً، اثبتت التحريات التي قامت بها النيابة العامة للتحقق من مزاعم الاتهام، التي طالت بعض السادة من كبار القضاة في الكويت بتهمة التكسب والتحصل على رشوة، اثبتت هذه التحريات فساد هذه الاتهامات وبعدها عن الواقع والحقيقة.
واذا كان بطلان هذه الاتهامات وكشف زيفها تحصيل حاصل، فان اسباب اطلاقها هو ايضا كذلك. فالسادة الذين تم استهدافهم بهذه الاتهامات الكاذبة من رجال القضاء هم اعضاء المحكمة الدستورية. وهم من كان مسؤولا عن البت بدستورية مجلس 2012، ومن ثم دستورية وشرعية مرسوم تعديل قانون الانتخاب، الذي قلص التصويت الى صوت واحد للمواطن بدلا من اربعة اصوات، ونظام الاصوات الاربعة هو النظام الذي بنى عليه البعض من قدماء الساسة احلامه السياسية في التفرد بالحكم وتوجيه البلد وفقا لمعتقداته ومصالحه.
إبطال مجلس 2012 بحكم قضائي من المحكمة الدستورية، وإضفاء الشرعية على مرسوم الصوت الواحد بحكم دستوري من المحكمة ذاتها اضفى الشرعية والدستورية على الوضع السياسي العام في البلد. وسحب البساط من تحت كل من اتهم الحكم بالفردية وعارض مرسوم الصوت الواحد، وادعى بطلان ولا شرعية الانتخابات التي اجريت وفقا له.
ولم يكن في الامكان بالطبع الطعن في حكم المحكمة الدستورية بوصفها اعلى سلطة قضائية في البلد. لهذا كان لا بد لمن اراد المكابرة والاستمرار في معارضة الوضع من الطعن في ذمة السادة اعضاء المجلس الاعلى للقضاء. حيث يؤدي التشكيك بذمتهم ونزاهتهم الى التشكيك في الوضع السياسي الحالي، والى رفع الشرعية والدستورية عن مجلس الامة الحالي بالذات.
موقف المعارضين للشرعية الدستورية الحالية سيصبح اكثر حرجا الان، فتحقيقات النيابة العامة لم تثبت براءة السادة القضاة فحسب – فهذا امر كان مفروغا منه – بل اثبتت قبح وفجاجة وعدم نزاهة المعارضة السياسية لمرسوم الصوت الواحد. وهذا لا يشمل من اطلق الاتهامات ومن دأب من جماعة المعارضة على التجني بشكل دائم على الاخرين، ولكن سيشمل ايضا الكثيرين ممن سبحوا بحسن نية مع التيار وقاطعوا الانتخابات بحجة عدم دستورية مرسوم الصوت الواحد.