عانت المرأة من الاضطهاد طوال التاريخ البشري، ولا تزال تعاني الكثير، وفي كل دول العالم.. تقريبا! والأسباب وراء هذا الاضطهاد كثيرة ولكنها غالبا اجتماعية أو دينية، والأخيرة هي التي يصعب تغييرها، خاصة في الدول التي يلعب الدين فيها دورا محوريا، والتي تتطرف في تطبيق النصوص الدينية. وقد بين لنا تاريخ تحرر المرأة كيف حصلت المرأة على حقوقها في دول كثيرة، وتساوت مع الرجل في الإنسانية، وكيف أن دولنا العربية لا تزال «تنفرد» بموقفها المعارض لهذا التحرر، ورفضها المستمر التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأن بعض نصوصه المتعلقة بمعاملة المرأة لا تنسجم ونظرة حكوماتنا لها.
وليست هناك جهة تُنتهك فيها حقوق المرأة وتُسلب بصورة يومية وبشكل غير إنساني أكثر من المحاكم التي تسمى تارة بالشرعية وتارة بالأسرية. فقوانين الأحوال الشخصية في غالبية دولنا مجحفة وشديدة الظلم للمرأة، خاصة في ما يتعلق بممارسة العنف ضد الزوجة أو حقوق النفقة أو الحضانة والحق في الطلاق، ناهيك عن الحقوق الأخرى. كما تتجنب السلطات التنفيذية عادة التدخل في سير المحاكم الشرعية، وتتركها تصدر ما تشاء من أحكام، من خلال رجال الدين وخريجي كليات الشريعة، وغالبيتها ظالمة وقاسية وتحرم المرأة من أبسط حقوقها. وتصبح المسألة أكثر تعقيدا في الزواج المختلط، أي بين طرفين من مذهبين مختلفين، حيث نجد ان المرأة تكون دائما الأضعف، وخير مثال قصة طبيبة كويتية قامت، على الرغم من المعارضة، بالزواج من طبيب أردني وذهبت للعيش معه في وطنه. بعد سنوات وإنجاب ثلاثة أطفال، رضي عنها والدها ودعاها للعودة الى الكويت، وهنا كانت المفاجأة بانتظارها، حيث ان المذهب المتبع في الكويت يعارض زواجها بغير موافقة ولي أمرها، وهنا كان حكم بطلان زواجها بانتظارها. ولا ننسى هنا أن للرجل حق طلاق الزوجة، وغالبا ليس لها نفس الحق، حتى لو لم يكن ينفق عليها، أو كان يعيش مع امرأة أخرى في بلد آخر، فدون ذلك الأهوال وبهدلة المحاكم قبل ان تحصل على ما تريد. كما ان حق حضانة الأم للطفل مقيد دائما بفترة زمنية محدودة جدا، وحتى هذا الحق يسقط بمجرد زواجها من رجل آخر، أو حتى لو ادعى طليقها أنها لا تربي ابنه أو ابنته التربية الدينية الصحيحة.
خلاصة القول إن مجتمعا لا يمتلك نصفه ما يستحق من كرامة، لا يستطيع نصفه الآخر المطالبة بحقوقه من الغير، إن محليا أو عالميا، والنصفان عاجزان عن استعادة ما سلب منهما، من أرض وزرع، فهمنا؟