الإعدام الانتقامي الذي مارسته المملكة الاردنية الهاشمية ضد المجرمين المدانين ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي ليس في محله. وبالتأكيد ليس ردا حضاريا على اجرام تنظيم داعش. الاعدام بحد ذاته جريمة «وحشية» بغض النظر عن طبيعة وخطورة الجريمة، علما بان ساجدة الريشاوي فشلت في اتمام جريمتها. اي انها تعدم على النية. لكن ليس هذا هو المهم، فلسنا ملمين تماما بظروف القضايا، ولسنا اصلا معنيين بشكل اساسي بمصير المحكومين. ولكننا معنيون بمكافحة الارهاب وبالوجه المدني والانساني الذي يجب ان يضطلع ويطل به من يكافح الارهاب والارهابيين.
اعدام الريشاوي والكربولي ردا على حرق شهيد الاردن الطيار معاذ الكساسبة هو رد فعل، ورد الفعل دائما مساو للفعل ذاته. فيزيائيا او سياسيا فليس هناك فرق كبير. وان تقوم به دولة مدنية كالمملكة الاردنية الهاشمية، وان تنجر هذه الدولة بمؤسساتها المدنية والسياسية وراء اسلوب وتعاطي تنظيم «داعش» في التعامل مع الاضداد فانه ترويج وتشجيع لاساليب الارهاب. وتبن غير مقصود ولا محمود في الواقع لها.
اعلان المملكة الاردنية الهاشمية إصرارها على مواصلة جهودها الخيرة في التصدي للارهاب، والانتصار للشعبين السوري والعراقي اللذين يعانيان منه، اعلان في محله. وهو الرد الطبيعي والمناسب على السلوك الوحشي والاجرامي لتنظيم «داعش». وهو جهد سيسهم لا شك في إنقاذ الكثير من الارواح وتيسير عيش العديد من البشر الذين تعرضوا لارهاب «داعش» او اولئك الذين يسعى هذا التنظيم الاجرامي لممارسة وحشيته وارهابه عليهم. بينما لن يغني ولن يسمن من جوع اعدام الريشاوي والكربولي.. هذا ان لم يكن له هو الآخر رد فعل معاكس ومساو في الاتجاه.
ان الارهاب والوحشية جزء من التاريخ الانساني العام. مارسته وتمارسه كل الشعوب والدول. لكن ويلات الحروب العالمية والتقدم الحضاري والاجتماعي دفع بالكثير من الشعوب الى الدعة والرقي. حيث اصبح للتسامح وللترفق بالآخر تأثير اعلى واشد من دوافع الانتقام والايذاء المقصود.
محاربة الارهاب هي في نشر التسامح وفي احترام انسانية الغير. ومراعاة حقوق ومعاش الآخرين. فهذه هي الاسلحة الحقيقية الفتاكة التي تقضي على الارهاب الحالي او الكامن في نفوسنا… خصوصا، نحن، بني يعرب، نتاج السنين الطويلة من المعاناة والاضطهاد والتخلف الحضاري.