عندما اعترضنا على مرسوم الصوت الواحد كانت العواطف والاصطفافات مسيطرة على العقول وتفكيرها، وكان الاحتقان السياسي وردود الفعل الغاضبة من المعارضة السياسية متحكمة في المواقف المباركة والمطبلة لهذا القرار، ولم يكن الكثير من الناس مقتنعاً بالحوار الموضوعي أو النقاش حول مدى نجاح مشروع الصوت الواحد للخروج بنا كبلد ومواطنين من الأزمات السياسية المتتالية.
حتى هذه اللحظة قد يجادل البعض أو ربما يكابر بأن الصوت الواحد قد آتى ثماره في تحجيم المعارضة وإخماد صوتها العالي وتفكيك الحراك السياسي، وهذه قد تكون نتاج جملة من الأسباب ومنها الصوت الواحد، لكن اعتراضنا على الصوت الواحد كان ولا يزال أكبر من جزئية المعارضة ورموزها والمرحلة السياسية الصعبة خلال السنوات القليلة الماضية.
فتقييم الصوت الواحد يفترض أن يكون في إطار تطوير المؤسسة التشريعية والثقافة السياسية المجتمعية، وانطلاقاً من هذا المعنى نتساءل: هل تم الارتقاء بمستوى الخطاب تحت قبة البرلمان؟ ظواهر التراشق والاتهامات والهمز واللمز لم تختف من القاموس النيابي! وحالات رفع الحصانة البرلمانية عن النواب تجاوزت 25 حالة في عمر المجلس القصير! والتشريعات التي تم إقرارها تركزت على تقييد الحريات العامة والتضييق على منابر الرأي والتعبير! والتجاوزات المالية وفضائح الفساد زادت ولم تتراجع، وأرقامها تصاعدت ولم تقل! والتعيينات في المناصب الإدارية العليا لم تعد تأخذ بعين الاعتبار حتى ضوابط ومعايير أو ترشيحات “الخدمة المدنية”!
بمعنى آخر لم نر في الأفق ملامح حياة سياسية جديدة ولا منهجا مختلفا ولا أسلوب إدارة مغايرا لما كان عليه الوضع في السابق! ولم نر ثمار تمثيل “الأقليات” التي تم التطبيل لها والتباكي على حقوقها في المجلس الجديد، ولا على مستوى التنمية البشرية ولا وصولها إلى مناصب قيادية عليا كانت محرومة منها لسنوات طويلة.
آخر إبداعات مشروع الصوت الواحد كانت لوقف الانتفاع الشخصي لنواب الأمة واستغلال السلطة التي يتمتعون بها لمصالحهم الخاصة وللمقربين منهم خاصة على حساب المال العام وأملاك الدولة، وحتى في هذا البعد نجد أن الفضائح ما زالت مستمرة وإن تغيرت شخصياتها وأسماء أبطالها، وآخر صور الخزي والعار ما رشح عن بدايات التحقيق وليس حتى نهايته في تورط أكثر من عشرة من أعضاء مجلس الأمة “الحاليين” في الحصول على حيازات من أراضي الدولة الزراعية وبمساحات شاسعة على ظهر ناخبيهم، فلم يضربوا عرض الحائط بالقسم الدستوري أو أخلاقيات المهنة فقط، بل حتى مسؤولية إنجاح مشروع الصوت الواحد وقبول التحدي لتقديم خدمة أفضل للدولة وطرح نموذج يكون “قدوة” من سياسيي الكويت الجدد ومتخذي قراراته المصيرية ورسم معالم مستقبله! لسان الحال يقول إن الصوت الواحد لم يحقق سوى تطبيق معنى “يالله نفسي”!!